السبت، 23 أكتوبر 2021

استراحة قصيرة بقلم الشاعر/عبدالرزاق الكميم


كتب
عبدالرزاق الكميم

((استراحة قصيرة على مشارف الخمسينات من العمر))

على عتبات العقد الخامس من العمر ،
عمدت الى استراحة قصيرة والتفت الى الماضي لاستذكر شريط احداثه التي اشتملت على تسع حروب دامية كان بالامكان ان تكفي ل 5 قرون .

الوضع الحالي كان هو السبب في ابراز الجانب المظلم في هذه الرحلة الطويلة .

لقد كان اول مشهد يظهر امامي هو مشهد الحرمان ،
يليه مشهد الخوف الذي كانت الحروب احد ابرز مسبباته .

فقد كانت كلمة الجبهة ، هي اول حلقة في ذلك المسلسل الذي كان يقلق سكينتي ،

الجبهة ...
إنها تقتل وتنهب وتسرق
الاطفال وتسمم المياة ،
لقد سمعت الكبار يتحدثون عنها ،

ولما كبرت تبين لي أنها نتاج حروب المناطق الوسطى .
نعم لقد كبرت انا والحرمان فكان الامل ثالثنا .

وفي مطلع التسعينات درست الثانوية في امانة العاصمة فكان حديث الساعة عن
الازمات السياسية والاقتصادية التي تبعت الوحدة مباشرة ،ثم توجت بحرب صيف 94
تبع ذلك استقرار نسبي لايخلو من منغصات الغلاء ومناكفات سياسية عقيمة ،
اشتعلت خلالها الحروب الست في شمال الشمال، ثم أطلت هذه الحرب برأسها فكانت هي الأطول والأعنف و الاكثر فتكا بهذا الشعب المغلوب على امره.

لقد بقي الحرمان بينما عجز الامل عن اللحاق فحلت القصيدة محله ،

ترافقني وفي كل يوم يكبر في صدرها الانين ،وتترنح بين يديها الاسئلة،
حتى وهي تتحدث عن موعد غرامي من صنع الخيال ، ستجدها بشكل او بآخر تتساءل
عن الحال والمأل
عن الحرب والسلام
عن الاسباب والحلول
عن اللعنات التي مازالت حكرا علينا وحدنا

ولسان الحال يقول :

(دخولي في اليقين كما تراه ُ
وكل الشك في امر الخروج ِ)

لماذا كل الخيارات مطروحة الا خيار السلام؟
لماذا يعتبر الحديث عنه تفريط وخيانة ؟
كيف بالامكان انهاء هذه الصراعات الدامية ؟

الاجابة النظرية من منظور علمي ستجدها بسهولة بالغة
لكن تطبيقها يبدو اقرب الى المستحيل؟ .

في عام 1932 كلفت عصبة الامم العالم الفيزيائي (البرت انيشتاين )بالبحث عن إجابة لهذا السؤال ، فقرر أن يستعين بأبرز علماء النفس وارسل رسالة مطولة الى عالم النفس الطبيب ( سيغموند فرويد) طالبا منه المساعدة كون المسألة تتعلق بنفسيات البشر وغرائزهم وهذا في صميم تخصصه .

فكانت الاجابة عبارة عن دراسة نفسية وفلسفية مطولة، بالامكان الاستعانة بمحرك البحث للاطلاع على تفاصيلها.

في مجملها أفاد فرويد أن النزعة العدوانية وغريزة حب السيطرة متواجدة بقوة في كل انسان تغذيها الهويات المختلفة ،سواء كانت دينية او عرقية او قومية او طائفية او غير ذلك ،
ولكنه يقول ان بالامكان ترويض الانسان وتهذيبه وجعله يتخلى عن وحشيته وقساوته وعدوانيته، وذلك بغرس قيم الحب والتسامح والقبول بالآخر والتعايش في ظل حياة مشتركة هادئة تتكافأ فيها الفرص ،وتنظمها القوانين التي تحفظ الحقوق وتصون الحريات وتلتزم بالمساواة والعدالة الاجتماعية ،

بالتأكيد الأقدر على القيام بهذه المهمة هم النخب المثقفة من مفكرين وادباء وشعراء وفنانين وغيرهم ،

وبنظرة سريعة الى هذه النخب في هذا الوطن المنكوب ، للأسف ستجد ان دورهم كان وما يزال في غاية السلبية ،
فلقد ساهموا في تأجيج الصراع ،
ثم تمترسوا خلف مواقف القادة السياسيين والعسكريين ،
الغالبية تدفعهم في ذلك المصلحة، والبعض لديهم دوافع أيدلوجية ،

ولذلك ظل صوت السلام هو اخفت الاصوات ،ووضعت الحكمة اليمانية في قفص الاتهام ،
أما اقلام السلام فهي مابين مطمورة برمال التجاهل او مرعوبة يغشاها الصمت او مكسّرة وملقاة على ارضيات السجون وازقة المنافي ،

هناك فئة كبيرة من ابناء الجنس البشري ــ الذي ننتمي اليه افتراضا ــ استطاعت أن تتروض فتصالحت وتعايشت مع بعضها ،

نعم لقد تصالحو وتفرغو للمعرفة والرقي وأوجدوا الحلول لكل مشكلاتهم
فاثبتوا بذلك أن تعدد الهويات والقوميات في اي مجتمع يمثل ابرز عناصر القوة فيه.

كم هي الكلفة التي يجب أن ندفعها حتى نصل الى هذه القناعة ؟،
كم هي السنوات التي مازالت تحول بيننا وبين تحقيق ذلك ؟
بالتأكيد لا ادري ..
ما أنا متأكد منه ان المسافة لاتزال طويلة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *