‏إظهار الرسائل ذات التسميات حلقات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حلقات. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

حــديث الأحزان 3 يحيى صالح العفيري)

( حــديث الأحزان 3
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)
أيها الكون الرحيب خذ فؤادي إليك وأجعله في سماء العشق بدرا يرسل أنواره وآلامه لتلامس أناساً أضاعوا طريق الغرام وتاهوا في سبل الخداع ، فكانوا أعمدة لسماءٍ من دخانٍ أسود يترصع الحقد والغل في سقفها المخادع وتستظل تحتها قلوب الماكرين الذين انطوت صفحاتهم عن عالم الأنسانيه وتحولت حياتهم إلى جحيم المكائد.
أيها الروح المسامحه حلقي في فضاء الكون كطائرٍ يفتش عن مكانٍ ليرحل إليه ، واذهبي بعيداً كي تظفري بروضٍ وجنان يستطيب فيه العيش ، حيث البشرية تنعدم وتصبح مجرد طيف لاح واختفى .
فتشت بين لغات أهل الأرض عن لغةٍ تجعل من الحرب حياة فوجدتها عند اولئك الماكرين الحاملين حقد الدنيا ونار الآخرة ، حينها لم تصبني الدهشة كثيراً وعندما واصلت رحلتي عثرت على بشر يستخدمون لغة الحب ليقتلوا الإبتسامة  ، تعثرت قدمي وغاصت بين رمال الأرض من هول الرزية التي ظفرت بها.
عجباً لحالي كيف أخذتني الإقدار إلى اولئك !
رأيتُ أناسا يتقمصون لغة الحب ليقتلوا الإبتسامة ، ويرتدون ثياب الوفاء ليخفوا الخداع .
يستظلون من الشمس ليلا ويفرون إليها نهارا.
يفطرون بالخيانه عند انفرادهم ، ويصومون بالرياء عند مخالطتهم.
فكيف للأنسان أن يبقى معهم في هذا العالم ما داموا يتخذونهُ سكنا.
بقدر حبي تألمت ، وبمشاعري المتصببة إزاء اولئك تعذبت !
هكذا عشت في ظلهم ، كانت الاشواق تذبحني وتصهرني في جحيم الويلات وأتذوق الموت ألآف المرات .
فكلما غزاني طرف عينٍ لهم أضرم النار بداخلي .
ليتني لم أبحر بسفينتهم كي لا اذوق المر على أيديهم .
ليتني فقأتُ عيني وأنا طفل كي لا أرى تلك الدمى التي تحمل هيئة الانسانيه   فقد أوهمت نفسي بعشقها وسجنت قلبي في أحداقها الزائفه.
كان الليل يأتي فأستبق النجوم لألامس دوراً بسكونها ، وأعشق الكرى إلى قرب صخرة يمسح ضوء القمر على جسمها  وكأنها يتيمه فيصل إليّ بعد ذلك .
كلما كان الكرى يغلب  عينيّ اللتين قلما ذاقا طعم النوم منذُ أيام وليال أرمي جسدي على الشوك والاحجار التي تشبه السيف في حدها فيتبلل دما عند تداخل الحجارة فيه ، لكنني لا أعير اهتمامي لذلك فأنا ثملٌ من تلك النسائم التي كانت تأتي بعد ملامستهم.
هكذا كانت تمر اللحظات والايام والسنون بلا حياة كنت أرنو إلى عقارب الساعة تمشي في أعين الماكرين فلم استطع تناسي تلك المواقف المؤلمة حقا.
كانت كلماتي نحوهم تعبر عن مدى حبي فأستغلوا كل ذلك وقابلوه بالوجه الآخر غير الذي كنت أشاهده .
أتذكر آخر كلماتي حين قلت إذا أردتم أن تجعلوا حياتي رماداً فكونوا رياحاً تعبث به وتنسفه إلى عالمٍ آخر وعيشوا حياتكم الجميلة التي رسمتموها على جثة عاشقٍ ليس أمامه سوى الموت على أيديكم… .

(حديث الاحزان 4
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)
هناك حيث المكان يحدثني عن أيام السعادة ومنبع الصفا.
حملت جسدي الثقيل وتابعت خطاي ببطء حتى وصلت ذلك المكان .
أخذت نفساً عميقا وملأت عينيّ بما في الوجود ، وانطرحت على الأرض ، فشعرت بالارتياح الشديد إلى درجة أن روحي كانت ترقص داخلي وتترنح طربا.
رنوت صوب السماء فرأيت الشمس تدلف نحو المغيب وترسل أشارة الوداع مع أشعاعها الذي بدأ هو أيضا في الاضمحلال والانسحاب  من الأماكن العميقة ، فكان ينثر قُبلة الوداع على رؤوس الجبال متراجعاً إلى الوراء متقلصا شيئاً فشيئا.
أحترقت عيناي في ذلك اللون الذي غاصت فيه فهو يوحي إلى الرحيل والتعرج في ظلمات النأي والبعاد.
أصدرت تنهيدة وأرسلت من عينيّ بريقا ًإلى بقعة بيضاء كانت تلامس كبد السماء فعرج البريق نحوها سريعا حتى بلوغه إياها ، فمما أرسلته العينان وجادت به توكّفتهُ تلك السحب فهمى على التراب الذي أطعم الاجساد دودته النتنة والمتطفلة ، ولم يكتفِ بذلك حتى أعاد الرفات رمالاً تتناسب مع لونه العديم.
بعد أن هويتُ في أدغال الصمت ، اعترتني قشعريرة البرد لتنبهني بقدوم الليل ورحيل النهار ، عندها نهضت متثاقلا لأغادر المكان فاستوقفني مرور طيف لأيامٍ مضت كانت من غرر العمر ، حينها أرسلت للزمن شارة توقيف ليعود بي نحو الماضي التليد.
مر شريط  لتلك الأيام المفعمة بكل معاني البهجة والسرور ، والحافلة بوجود ذلك الحبيب الذي لم يفارق خيالي لحظة واحده.

كانت أوقات تلك الأيام ممتعة للغايه وأجمل ما فيها ذلك الصوت الجميل الذي كانت تزفه الشفتان فيطرق أذنيّ بلحنٍ يبهر الدماغ حين يترجمه.
إن تلك الأيام كانت تترجم عن شجوها في نغمٍ مؤثر وحنون وتكتسيها لحظات ليست لها مثيل ، فنسيمها هادئ ونداها يترقرق كالفضة الذائبة على أوراق الأشجار .
كان الزمن في ظلها حكيماً إلى درجة أنه كرس كل الأحاديث التي كنا نتبادلها لكي يعيدها لنا كشريط ذكرى لمثل هذا اليوم.
فجأة
بدأ الزمن من جديد في العد وأصدر جرس التنبيه للحضور في الوقت الحالي والعزوف عن الماضي ، فبدأ القمر يرسل أنواره إلى الأرض لكي يزيل دياجير الظلام الذي كنت سابحاً فيه ، حينها أنتزعتُ نفسي من بين براثن ذلك الشقاء وشقيت خطآي لأواكب عصري ووقتي الجديد.
كن واثقا بأن من سيجعلك تغرق في  البكاء  هو ذلك الشخص الذي أحببته أكثر من نفسك ، لذا لا ترتبط بحياة الآخرين وعش الحياة ببساطه فهي لا تساوي مقدار دمعة سقطت من عينيك.
✍🏻/ يحيى صالح العفيري

حديث الأحزان 5 يحيى صالح العفيري

( حديث الأحزان 5
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)
أيها الحزن المؤلم إلى متى ستظل تراود الانسان؟
إلى متى ستظل ترافقه ومتى ستتركهُ وشأنه؟
هل خاطبت السرور يوما بقول لأحزننهم ، ولأقعدن لهم على حافة القلوب؟
سأعترف إنك ماهرٌ في ما تصنع ، فقد حولت الكون بمساحتهِ الواسعه إلى دائرة ضيقة لن تتسع لدمعةٍ تذرفها عين الكليم.
شــاطرت القلوب وقطنت بها كقنبلةٍ مؤقته لا بد من أنفجارها لتعبث شظاياها بمسرح السرور وتطمس معالمه ومحاسنه ، وما تلبث أن تسيطر على ما تبقى من أشلاء ذلك الاجرام الشنيع في حق الحياة.
لقد صنعت من ذاتك طقوساً تؤديها العيون سرا وجهرا ، وترسل إليك لهيب الحرقة ، ودمع اللوعة ، وتؤديك فرضاً ثم تتركه ، وتعاقب المتهاون في إقامته.
أصبح الكفر به مستحيلا والخروج من ناره معجزاً .
ها أنت ذا متوشحاً سيف الألم ولم تكتفِ بذلك فقد أخرجته من غمد الشؤم لتمزق به قلوباً بريئة ، رأت بريق سيفك فركضت تلوذ بحماه زاعمةً أن في ظله تسعد الحياه .
أيــــــــها الحزن الغاصب والمستعمر للقلوب .
هل هناك شرفة يأمل السرور أن يلج منها إلى سجنك الموحش ، المطلية جدرانه بسواد الظلم وعبرات المآسي ؟
أم أنك أوصدت كل الابواب والشرفات ونصبت للسرور شركا كان نهايته دفن السرور بجانب الحيطان ، لتهو في سجنك القلوب الرحيمة ، وتسمع بداخله صدى التنهدات المصحوبة بالأنين ، فتعزفها حدادا بعد غياب السرور ، وأقامت مأتم العزاء والإقتيات من مائدة الأهآت والشرب من بئر الدموع.
أعــــــرفك جيدا فأنت لن تغيب ما دامت القلوب تنبض بالحياه فقد خلقت لتعكر صفوها وبُعثت سوطاً من العذاب تتذوق مره كل القلوب ، إلا أن هناك قلوباً  لا تسمح أن تسكنها إلى الأبد.
فسرعان ما يمضي الوقت معك تدفنك في وحل التراب وتبقيك منبوذا كنعلٍ يؤلم القدم لفترة قصيرة ومن ثم تــم رميه في مجمع النفايات .

( حديث الأحزان 7 يحيى صالح العفيري)

( حديث الأحزان 7
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)

كما أن للبشرية أباً واحداً وهو آدم ، وأماً واحدةً وهي حواء ، فإن للأحزان أباً واحداً وهو الدهر ، وأماً واحدة وهي الحياة .
السرور نشأ غريبا دون فرع أو أصل ، ولم يكن له مأوى سوى الإلتجاء إلى أم الحزن لتربيهِ كأبن شقيق ذي وجه بشوش لصاحب الوجه المتمعر العبوس ( الحزن).
مذ رآه الحزن جن جنونه وحاول جاهداً إبعاده عن أمه لكن دون جدوى ، فلم يعد لأكاذيب الحزن منفعة أمام القرار التي أتخذته أمه بشأن هذا الدخيل الغريب على الأسرة ذات العمر الطويل.
عمل السرور بجدية محضة ، ليثبت جدارته أمام الحزن ، وبأعماله وحلاوته أصبح مرغوبا ومحبوبا لدى الحياة ، فأخذ يستحوذ على  بعض الاشياء ، ويقاسم الحزن  في كل شيء خلفه الدهر والحياة.
من هنا بدأ الصراع بين الحزن والسرور ، ونشبت الحرب الأهلية بينهم ، فكل واحد منهما يحاول التسلط على عائلة الآخر من أبناء آدم وحواء الذين يعتبرونه أرثاً للحياة.
لم يستطع أحدهما اقناع البشرية بالأنحياد الى جانبه ومواجة الآخر ، والسبب يكمن في المراوغة لدى البشرية فهي فطرةٌ لا يمكن الإبتعاد منها.
لذا بقي الحزن والسرور في اقتتالٍ دائم ، والقلب البشري مسرح حربهما وفيه يلعبان دورهما في النصر والهزيمة ، وسيبقيان في كرٍ وفر حتى قيام الساعة.
رغم ذلك القلب البشري يلعب دوره أيضاً نحوهما ، فتراه يأخذ الحزن تارة ليغضب السرور ، ثم يتركهُ تارةً آخرى ويأخذ السرور ليغضبه.
على مدى العصور سنرى الحزن والسرور في صراعٍ دائم ، وكلما استوطن احدهما قلب بشر تراهُ شاهراً سلاحه ، فسلاح الحزن الدموع ، وسلاح السرور الابتسامة.
من هنا يعلن التاريخ أنه لم يكن ولم يولد  خصمٌ أشد من الحزن ، إلا أن السرور لم ينهزم أمام مكائده الكبيرة التي ينصبها كل حين.

يبقى الحزن دائما في نضال لكي يحقق هدفه المتمثل في انهاء امر السرور من هذا الكون ، لذا فأنا مؤمنٌ بأرادة الحزن مدى العمر ، فهو خطيرٌ إلى درجة أنه يسكن  في جنين الأناث محاولا ان يكدر الطفل الذي لم يولد بعد ، فترى الانسان حين يولد ويغادر رحم أمه يعزف بصوت الحزن المتثمثل بالبكاء لا بصوت السرور المتجسد في الضحك.

حديث الأحزان .الحلقة [ 14 ] يحيى صالح العفيري

( حديث الأحزان
.الحلقة [ 14 ]
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)
نرسم الحلم والأمنية ونضع الهدف ، فنحاول الوصول إلى الحلم فنجده تحول سرابا ، ثم نركض نحو الأمنية بسرعةٍ خاطفة تجهدنا كثيراً ، فنجدها مذبوحةً على حافة السبيل الذي نخطو عليه بعد أن أختالها جبابرة الطغي وتم أختطافها منا لتلاقي حتفها ، حينها نتألم كثيراً ،
ونتوجع وقتاً قليلاً وبصمتٍ يحكي للعالم مدى معايشة تلك المأساة التي كادت أن تطفأ بصيص النور الذي لا زال ينبثق خافتاً لما يلاقيه من عجاجٍ يحاول إيقافه.
فجئة تلوح على سماءنا عبارات التفائل وأطياف الأمل ، وتتسارع التحديات في أجسادنا لتعلن إكمال ذلك المشوار ،
ففي  أخر ذلك الدرب تبقى لنا شيء لم نفقده بعد ، ولا زال بمحطة الإنتظار يرقب وصولنا .
ورغم حالتنا المجهدة ، نحاول المجيء إليه لنتشبث به ونحظى على نفائسة التي لطالما أردنا أن نظفر بها فهي كل شيءٍ في حياتنا.
فنركض على تلك الطريق المحفوفة بالألغام والمخاطر والمبنية بالمنعطفات المتعرجة.
فينبض القلب بشدة ، ويتسارع عداده بالنبضات ، ويتصبب العرق من كافة المسامات الجلدية ، ويغدو هواء الزفير حاراً ، والجسم  يرف بسبب اللغب المصحوب بسرعةٍ قصوى ، ويبلغ الأرق أوج مستوياته .
وبعد كل ذلك ، وحين تبقت لنا مجرد مترات لنحقق الأمل المزعوم وننال مبتغانا ، ننظر إلى حالنا وقد أوشك على الأنتهاء ولم يتبق لنا سوى نفسٍ واحدٍ في هذه الطريق من خلاله نستطيع الوصول لننال ما  هو أهم من الحياة.
فنركض بشدة ، ونتفاجئ بحفرةٍ كبيرة صنعها أعداء الأمل،
فنقف على شفا تلك الحفرة والنفس الأخير يكاد ينقطع ، فنحاول الطيران وينتهي النفس ونقع بعمق الحفرة ، لنضع لمن خلفنا رواية ألم يتداولها الأجيال بعين المعانة ، وروح الصدق،
وتصبح بعد وقتٍ  من الأساطير ثم من المنسيات ثم ننتهي من مسرح الحياة إلى الأبد.
✍🏻/ يحيى صالح العفيري
        بارك الله جمعتكم https://t.me/joinchat/AAAAAEpUduhvrM1a4wB-6Q

حديث الأحزان الحلقة [ 13]بقلم الاستاذ يحيى صالح العفيري)

( حديث الأحزان
.الحلقة [ 13]
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)

الروح كالطائر المحلق بفضاءٍ رحيب ، يجوب سمائه بين الحين والآخر ، إلى أن يأتي اليوم الذي يقبض جناحيه فيصعد عالياً نحو بارئه ، عكس الطائر الحقيقي تماما.
إن ما يبقيه محلقاً هي تلك العضلة التي تنبض بالحياة وترسل الوقود المستمر لكي تبقي ذلك الروح بالفضاء المملوك بصاحبه.
تلك العضلة التي تعتبر المركز الرئيسي في تصنع السعادة والشعور.
وتستجيب لمشاعر الغير عن طريق مبادلتهم روح التعاطف الشعوري ، وإنتقائهم لسجايا الحب التي تعزز من روحية العاطفة ، وترفدها بالثقة المتبادلة والأهتمام الذي يجعل الروحين يلاتصقان ، ليكونا روحاً واحدا ، يتقطن فضاءين ولا يفصلهما عن بعض سوى توقف النبض وأنقباض جناحي الروح والخروج من عالمهِ وفضاءه إلى نطاق آخر يجعله مرهوناً إلى يوم البعث فتعود الأروح إلى فضاءات أهلها.
ومن سنن الحياة إنها لا تستقيم لكل إنسان على مسرحها الكبير الذي لطالما تواجد فيه مليارات البشر وغادروه دون رجعه .
لذا لا بد من أن يطرء لمعظم  البشر عوائق وخيبات تفقدهم شعورهم وتشبثهم بالروح الأخر ، فيلبث كلاهما في سعةٍ من الضنك والضجر ، وفي دوامةٍ من الآهات والحسرات ،
ويعيشون في مستنقع الألم،
ويتذوقون من غسلين الفراق ما يقطع شرايين قلوبهم ، ويسيل عبراتهم ،
ويدير دائرة الحزن حولهم ،
ويقبعون بزاوايا الألم فيزخرفون حروفهم بشجن الشعور ولهب البين ، وجذوة الأشتياق.
حالهم يستدعي التأثر ،
ويستجلب الجنون.
فهم من
يبعثرون الأنين ،
ويجودون بالحنين ،
ويعشقون الأرق،
ويتكحلون السهاد،
ويقفون على شرفات الألم يحدقون صوب العتمة السوداء ، ويهوون بأذغال الصمت المستوحش ، ويسكبون عبراتهم التي تخبر الأيام بكربتهم وحالهم المزري.
إن الدنيا بحالها المضنك ، تقيم فرض الفراق ، وتفرض طقوسه على قلوب البشرية كرها.
فهي مأمورةٌ بذلك من سلطان الأقدار الذي هو أيضاً مأمورٌ من قبل ملك الملوك وصاحب العزة والجبروت.
لذا فالحياة الوارفة بالعشق مهددة بين الحين والآخر بالأنقراض المفاجئ الذي يقود البشرية المتشبثون بها ، إلى جحيمٍ يدمي القلوب ويسخن المقل.

( حديــث الأحزان 2 يحيى صالح العفيري

( حديــث الأحزان 2
.✍🏻/  يحيى صالح العفيري)
تواريتُ عن الأنظار لأترجم  قصة حياةٍ مُصفدةٍ بحبال المعاناه ، و ملقاةٍ  في كهف الأهواء السحيق المرصع بدبابيس تحمل الموت على روؤسها ، هكذا هو حال من يعيش حياة غيره متقبلا كل السخرية والاستهتار ممن يزيدهم وجدا وشغفا ، يغدو كورقةٍ مطوية صنعت عبثا لتعلم الرسوم ونقش الحروف المتلوية بالشقاء والبؤس .
يترك الكون وراء ظهرهِ ويسبح في رمل الصحراء زاعما أنه ماء يجعل الجسم أكثر ارتياحا ونشاطا .
مستقبله مجرد حروف تكونت لتعطي كلمة يستطيع أي رجل أن يقرأها ،  ويمررها على اللسان كما يمر الشراب  رغم أن الشراب يضيف  للظمئآن حياة آخرى .
خلق في هذه الحياة ليكون عبدا لسلطان الهوى الشيطاني الذي نصبه حبه الأعمى واصدر قرار توليته ذلك البوح المدلل ممن يجعلون الكلمات اسحارا تستسلم لها القلوب .
يتغنى باللحن في دور الوله ويتجول في بساتين النزهة مع تلك الاجسام المزيفة  ، يقطف الزهور ويشم فيها رائحة الاحباب ، ويستعيد فيها نفحات الكلمات الهامسة غزلا ماكرا والرسائل الصادرة من أجل التلاعب وإنقضاء الوقت فيعدها ترجمان الروح وأكسجين الحياه ، وبين سطورها تذوب مهجته وتتولد نشوته وترقص الآفاق حوله ، يفتحها كل حين فتتراكم أفكاره ويعزف لسانه حروفها بعاطفةٍ وحنين يتحرك له الصخر طربا وتتمايل الاغصان شوقا للقياه بحبيبه  لو سمعه عاشقٌ آخر لحلق فوق بساط الحب نحو عالمٍ بعيد يحتضن وده وحبه وينعم الفؤاد بالحياة المبنية على مشاعر الحب والوئام.
تنقضي الأيام في رحلة العشق ويحلم المحب بأوهامٍ لو تحققت لأصبح اسعد العشاق على وجه الأرض ، من هنا إلى هناك تمر أفكاره وفجأة تسقط في حفرة مملوءة بالحمم البركانية وتبدأ رحلة المعاناة ، فتوصد أمام حبه أبواب الغرام ويموت بداخله طائر الجذل وتذبل الزهور بين أنامله .
من زمن الماضي الذي عاشه إلى زمن الحاضر  الذي يعيشه آيات معبرة عن الحب المكذوب والضحية المغلوب ، اراد ان يزرع الورد فأسقاه حبيبه حمض الأسيتيك الذي أفقده حياته ، حاول ان يضع الجمان على جيد عشيقته فما إن انقلبت الامور حتى وضعتهُ زينة لنعلها أمام عينه ، عندها اكتوى بالألم وانساب الدمع بمقلتيه يرافقه صمتٌ محزن ويحدثه وهمٌ مظلم وتستقبلهُ خدودٌ حمراء أتقدت بلوعة العذاب ، وأصبح ما حوله دخان تسبب في خنقهِ ورحيله إلى عالم الأموات… ..
قراءة الكتب تولد المثقف المتواضع ، والمغرور المرآئي ، كالكربون يكون الألماس وكذلك الجرانيت .

( حديث الأحــزان 6 يحيى صالح العفيري

( حديث الأحــزان 6
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)

لم تزل عيني ترسل بريقها المحمر في دياجير الظلام لتعطي وميضاً يشبه الفسفور على أوجه الجدار .
هي لم تكن تأتي بذلك عبثاً إنما أُجبرت أن تبقى كجذوة من نار بعد أن سئمت الكرى ، وتكحلت السهاد.
في تلك الليلة التي أرتدت ثوب الحداد القاتم ، مــل الفراش من جسدي الذي لم يبت ساكنا منذُ ألتصق به ، ومللت أنا من ساعات ذلك الليل الذي أقحمني بتابوت الأحزان ، وأحاط وجهي بدخانهِ الأسود المنبعث من زفرات الأنين ، وتأوهات المذبوحين على شفرات الفراق.
بعد مللٍ فاق حده ركضت صوب الشرفة التي داعب أجفانها السبات وأستسلمت أمام الرذاذ ليلهو على سطحها الأملس ذي الميلان.
لم أجــد سوى البرد يشحذ سكاكينه ويغرزها  بجسدي الهزيل .
كنت اختضل واترنح كالذي أمسكت به كهرباء فلم تفارقه حتى سلبته حياته.
كنت على يقين بأن تلك السكاكين مدمنة على تذوق أجساد المرهقين الذين أستطال بهم الحزن ، ونفخ في أوردتهم الكمد ، فأصبحت أجسامهم رقعة شطرنج يبرز بها ملك الألم وملك السرور ويتصارعا عليها من أجل تحقيق النصر.
كنت أرنو بعيداً أجوب بعيني كل الجهات وأحدق نحو السماء مفتشاً عن بقايا مرآيا  النجوم لتسامرني قليلا وتأخذ من حزني شيئا يسيرا .
كانت عيني تجر أذيال الخيبة وتعود إليّ ، لكنني كنت أطلقها كرة أخرى للبحث عن بصيص ضوء أو جذوة نبراس وتعود على حالة ذهابها .
حتى القمر أحجب نوره البهي فلم يعد له نورٌ أو فضاء.
حينها عرفت أنني غدوت في منفاي ، ذائب الحلم ، ذابل الوجه ، واكف العبرات ، أصحب أوراق العناء وأثق في لونها المغتر ، فتكبلني بأسطر العذاب ، وتصهر عليّ حبر المعاناه.

في ظل ذلك الليل المتربع بظلامهِ على الآفاق فارق السرور روحهِ المرحه ، وارتمى بين يديّ مضرجا بأحاديثه الرائعه ، قتيلا على يد الحزن ، ولم يكتف بذلك فحسب فقد نادى زبانيتهُ ليمزقوه أمام عينيّ ويسلموا أشلاءه إلى رمال الليل البهيم لتسحقهُ بأكوامها الخبيثه.
في ذلك الوقت لم يبق لي سوى أسداء المعروف أمام بقايا إشلائه المتروكة من قبل زبانية الحزن وتشييعها إلى مقابر الموتى والعزف على رمالها بلحنٍ مؤثر زاد في داخلي ألما وضجرا.

عــدتُ يائساً من البقاء في هذه الحياة ، ولم أعد آمل برؤية صباحٍ جديد يتخلخل عمري المتفاني.
ودعتُ النافذة ومضيت نحو الفراش عابساً وأنفاسي تندب حالتي المبعثره ، فتغادر أنفي لتحمل نسمات من الهواء المملوء بالشوائب وتعود مسرعةً إليّ ، كي تخفف عني كربة الضيق ، وتحفزني على الحياة وانتظار النور على مداخل الفجر الآتي بنسائمه الطلقه ، وأغنياته المرتلة على أوتار الصباح.

طال بي الأنتظار ، وضاق الصدر حتى أجبر  الروح التي  بداخله على الأقلاع من مطارها الذي غدا ضيقا ، والذهاب نحو منطقة الحنجرة التي تعتبر محطة أستراحه للوداع الأخير.

لم يبق سوى لحظات ويشق الروح طريقه لرحــلةٍ ستدوم حتى القيامه.

بدأ يفرد جناحيه للمغادره فسمع صفير الإنذار يبعثه الفجر ، ويرسل إلى الآفاق شارة  النصر في معركته مع خيوط الظلام التي دام أستعمارها لساعاتٍ عديده ، وقطنت الكون بخبثها المخيف ، وظلامها الجائر .
عندئذٍ طوى الروح جواز سفره وعاد إلى مطاره القديم بعد أن أصبح رحيباً يتجول به كيف شاء.
حتى الزهر لم يبخل بنفسهِ أمام طائر النحل لكي يصنع منه ما ينفع الناس فحياته تكمن في المنفعه وتنتهي فيها ، متى سوف نجعل حياتنا لمنفعة الناس لا لمنفعة الذات.

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *