( حديث الأحزان 7
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)
كما أن للبشرية أباً واحداً وهو آدم ، وأماً واحدةً وهي حواء ، فإن للأحزان أباً واحداً وهو الدهر ، وأماً واحدة وهي الحياة .
السرور نشأ غريبا دون فرع أو أصل ، ولم يكن له مأوى سوى الإلتجاء إلى أم الحزن لتربيهِ كأبن شقيق ذي وجه بشوش لصاحب الوجه المتمعر العبوس ( الحزن).
مذ رآه الحزن جن جنونه وحاول جاهداً إبعاده عن أمه لكن دون جدوى ، فلم يعد لأكاذيب الحزن منفعة أمام القرار التي أتخذته أمه بشأن هذا الدخيل الغريب على الأسرة ذات العمر الطويل.
عمل السرور بجدية محضة ، ليثبت جدارته أمام الحزن ، وبأعماله وحلاوته أصبح مرغوبا ومحبوبا لدى الحياة ، فأخذ يستحوذ على بعض الاشياء ، ويقاسم الحزن في كل شيء خلفه الدهر والحياة.
من هنا بدأ الصراع بين الحزن والسرور ، ونشبت الحرب الأهلية بينهم ، فكل واحد منهما يحاول التسلط على عائلة الآخر من أبناء آدم وحواء الذين يعتبرونه أرثاً للحياة.
لم يستطع أحدهما اقناع البشرية بالأنحياد الى جانبه ومواجة الآخر ، والسبب يكمن في المراوغة لدى البشرية فهي فطرةٌ لا يمكن الإبتعاد منها.
لذا بقي الحزن والسرور في اقتتالٍ دائم ، والقلب البشري مسرح حربهما وفيه يلعبان دورهما في النصر والهزيمة ، وسيبقيان في كرٍ وفر حتى قيام الساعة.
رغم ذلك القلب البشري يلعب دوره أيضاً نحوهما ، فتراه يأخذ الحزن تارة ليغضب السرور ، ثم يتركهُ تارةً آخرى ويأخذ السرور ليغضبه.
على مدى العصور سنرى الحزن والسرور في صراعٍ دائم ، وكلما استوطن احدهما قلب بشر تراهُ شاهراً سلاحه ، فسلاح الحزن الدموع ، وسلاح السرور الابتسامة.
من هنا يعلن التاريخ أنه لم يكن ولم يولد خصمٌ أشد من الحزن ، إلا أن السرور لم ينهزم أمام مكائده الكبيرة التي ينصبها كل حين.
يبقى الحزن دائما في نضال لكي يحقق هدفه المتمثل في انهاء امر السرور من هذا الكون ، لذا فأنا مؤمنٌ بأرادة الحزن مدى العمر ، فهو خطيرٌ إلى درجة أنه يسكن في جنين الأناث محاولا ان يكدر الطفل الذي لم يولد بعد ، فترى الانسان حين يولد ويغادر رحم أمه يعزف بصوت الحزن المتثمثل بالبكاء لا بصوت السرور المتجسد في الضحك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب