الثلاثاء، 3 ديسمبر 2019

( حديث الأحزان 7 يحيى صالح العفيري)

( حديث الأحزان 7
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)

كما أن للبشرية أباً واحداً وهو آدم ، وأماً واحدةً وهي حواء ، فإن للأحزان أباً واحداً وهو الدهر ، وأماً واحدة وهي الحياة .
السرور نشأ غريبا دون فرع أو أصل ، ولم يكن له مأوى سوى الإلتجاء إلى أم الحزن لتربيهِ كأبن شقيق ذي وجه بشوش لصاحب الوجه المتمعر العبوس ( الحزن).
مذ رآه الحزن جن جنونه وحاول جاهداً إبعاده عن أمه لكن دون جدوى ، فلم يعد لأكاذيب الحزن منفعة أمام القرار التي أتخذته أمه بشأن هذا الدخيل الغريب على الأسرة ذات العمر الطويل.
عمل السرور بجدية محضة ، ليثبت جدارته أمام الحزن ، وبأعماله وحلاوته أصبح مرغوبا ومحبوبا لدى الحياة ، فأخذ يستحوذ على  بعض الاشياء ، ويقاسم الحزن  في كل شيء خلفه الدهر والحياة.
من هنا بدأ الصراع بين الحزن والسرور ، ونشبت الحرب الأهلية بينهم ، فكل واحد منهما يحاول التسلط على عائلة الآخر من أبناء آدم وحواء الذين يعتبرونه أرثاً للحياة.
لم يستطع أحدهما اقناع البشرية بالأنحياد الى جانبه ومواجة الآخر ، والسبب يكمن في المراوغة لدى البشرية فهي فطرةٌ لا يمكن الإبتعاد منها.
لذا بقي الحزن والسرور في اقتتالٍ دائم ، والقلب البشري مسرح حربهما وفيه يلعبان دورهما في النصر والهزيمة ، وسيبقيان في كرٍ وفر حتى قيام الساعة.
رغم ذلك القلب البشري يلعب دوره أيضاً نحوهما ، فتراه يأخذ الحزن تارة ليغضب السرور ، ثم يتركهُ تارةً آخرى ويأخذ السرور ليغضبه.
على مدى العصور سنرى الحزن والسرور في صراعٍ دائم ، وكلما استوطن احدهما قلب بشر تراهُ شاهراً سلاحه ، فسلاح الحزن الدموع ، وسلاح السرور الابتسامة.
من هنا يعلن التاريخ أنه لم يكن ولم يولد  خصمٌ أشد من الحزن ، إلا أن السرور لم ينهزم أمام مكائده الكبيرة التي ينصبها كل حين.

يبقى الحزن دائما في نضال لكي يحقق هدفه المتمثل في انهاء امر السرور من هذا الكون ، لذا فأنا مؤمنٌ بأرادة الحزن مدى العمر ، فهو خطيرٌ إلى درجة أنه يسكن  في جنين الأناث محاولا ان يكدر الطفل الذي لم يولد بعد ، فترى الانسان حين يولد ويغادر رحم أمه يعزف بصوت الحزن المتثمثل بالبكاء لا بصوت السرور المتجسد في الضحك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *