خَاتِمَةُ العُشَّاق
ما زِلْتُ في حُبِّكِ المَكْذُوبِ مُتَّهَما
فكيفَ أدفعُ عنّي الشَّكَّ والتُّهَما ؟
للآنَ أغسلُ أشجاني على قلَقٍ
وأستعيرُ لحُزْني رَبْوَةً وسَمَا
أُحصِي لياليَنا الأُولى التي ذَبُلَتْ
فأستفيقُ على ذكراكِ مُبتَسِما
كم ليلةٍ مِن هوانا الغَضِّ مُقْمِرَةٍ
كُنّا نُسَامِرُ فيها الشِّعرَ والنَّغَمَا
وكم قصيدةِ شِعرٍ قلْتُ فيكِ وقد
سكَبْتُ في رُوحِها الأخلاقَ والقِيَما
الليلةُ الليلةُ الأولى التي كسَرَتْ
قصائدي ، وغَدَتْ أنفاسُها حِمَمَا
أفرَغْتُ جُعبةَ أشواقي على عجَلٍ
وكان صدريَ بالأشواقِ مُزدَحِما
كأسٌ مِن العشقِ قد يُودِي بصاحِبهِ
سُبحانَ مَن صَبَّ فيهِ الهَمَّ والسَّقَما
حقيقةُ الحُبِّ أنّا وَاهِمُونَ بهِ
ولم نجد فيه إلا الوهمَ والحُلُما
واللهِ لو كنتُ أدري ما مرارتُهُ
لَمَا مَشَيتُ إلى حتفي لهُ قَدَما
ماذا اقترَفْتُ بحَقِّ الحبِّ؟ إنَّ يَدَي
بريئةٌ حينَ يُغرِي لونُها القَلَما !!
ومُقَلتي لم تُرِقْ دمْعاً على طَلَلٍ
للذِّكرياتِ ولكنْ دمعُها انْسَجَما
لا ذَنْبَ لي غيرَ أنّي شَاعِرٌ نزَفَتْ
قصائدي هذهِ الأوطانَ والأُمَما
أعودُ بعد انكساري منكِ ثانيةً
وأستعيدُ يقيني فيكِ والقَسَما
الذَّنبُ ذنبُكِ ، كم وَعدٍ حنَثْتِ بِهِ
فما رَعَيْتِ لهُ عهْدَاً ولا ذِمَما
الحُبُّ بيتُ أمانينا وكعبتُنا
فكيف دنَّسْتِ هذا البيتَ والحَرَما؟
لم أجْترِحْ فِيكِ إثْمَاً أو همَمْتُ بهِ
سَهْوَاً ، وربُّكِ يمحو السَّهوَ واللّمَمَا
خُذِيْ دفاترَ أخطائي مرتبةً
فليسَ في صدرِها ما يُوجِبُ النِّقَمَا
تمَنَّعِي مَا تشائي في الوِصَالِ فقد
صارَ الهَوَى في يَدَيْنا لُعبَةً ودُمَى
كعادتي أكتمُ الأشواقَ في خَلَدِي
ولا أبوحُ بِسِرٍّ مَا إذا كُتِمَا
كعادتي أنكرُ الأوجاعَ في جسدي
وأستعيرُ لوجهي مقلةً وفَمَا
كعادةِ الليلِ إذ يلهو بأَعينِنا
ويَدَّعي بعدَها النّسيانَ والصَّمَما
كعادةِ الحبِّ لا يُوفِي معَ أَحَدٍ
ولا يزيدُكَ إلّا عَبْرَةً و دَمَا
كعادةِ النّاسِ لو مرُّوا على جَدَثِي
وقال قائلُهمْ مِن بعد مَا عَلِمَا :
جَنَى على نفسهِ مِن قبل مصرَعِهِ
واختارَ خاتِمَةَ العُشّاقِ والعَدَمَا
ما زالَ وجهُكِ يُغْرِي لَحْنَ أُغنيَتي
ولا أزالُ لنفسي فيكِ مُتَّهِما
بديع الزمان السلطان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب