فيلم بقلم الاستاذة مروة صالح

فيلم

خيّم الهدوء على تلك المدينة الحالمة، أناس سعداء، البرد يطرق أبوابهم الخشبية، فيتسامرون على الفانوس، ليشعروا بالدفء، بيوتهم القديمة تنشر الألفة بينهم، تتعالى الابتسامات بين الصغار والكبار، لا يفكرون بقوت الغد، ففقرهم بعث فيهم أملًا أنهم سيسعون وسيجدونه، ذلك ماتعلمه الموظف سعيد، الذي كان يعمل في قطاع حكومي وكان مجتهدًا في عمله، شعوره بالرضا كشعور الشاطئ القريب من مدينته الساحلية، لكن السياسة لا تترك المد والجزر بحاله، بل تأتي بالعواصف والزوابع لتعبث بتلك الطبيعة، فلم تسلم حتى تلك البيوت، فقد أحرق البرد دماءهم قبل نخر عظامهم، وهناك أشخاص غرباء عنهم، جاءوا من بلاد لا تغيب عنها الشمس، لم يطرقوا الباب، أغرقوا سفينتهم عمدًا؛ ليرسوا في تلك المدينة، حملوا التطور الذي ادعوه معهم لأهل المدينة الباسلة، وزعموا بأنهم جاءوا ليعلموهم كيف تكون الحياة؟!!
قصف مدفعي، دمار وقتل هنا وهناك، تجاوزوا القرن وما زالوا يتوسعون بإعمار ونظام جلبوه من بلادهم مع لغتهم المختلفة، كل ذلك لم يرق لأهل الأرض الحالمة، دقت طبول الحرب وأُعلن النفير، المدافع تطلق وهناك جلبة في الخارج، فجأة خبر عاجل قطع ذلك الفيلم الوثائقي الذي عاش تفاصيله كاملة، ولما قرأ الخبر:
الخدمة المدنية تعلن أن غدًا إجازة رسمية بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين ليوم الاستقلال وخروج آخر جندي بريطاني من اليمن، ردد مبتسمًا: عشت ياموطني محررًا من كل الطغاة والفاسدين، وسحقًا للغزاة الجدد، وكل عام واليمن بخير..

#مروة_صالح.
٣-٤-١٤٤١ه‍
٣٠-١١-٢٠١٩م.