السبت، 16 نوفمبر 2019

قرويٌ ساذج بقلم الاستاذ عبدالله محمد الصنوي

قرويٌ ساذج
كائنٌ من أقاصي القريةِ البعيدة
فلاحٌ بسيط يرتدي معوز وفوطة.وفانيلة بيضاء.فوق رأسه قبعة.مشدة ملفوفة.أو رديف
فوق كتفهِ منجلٌ وعطيف وحمامة غِناء.
جاهلُ الأرض والطبيعة.المُفرط طوال الوقت
الخالي من المعجزات  والرؤى.

لا.لستُ أعرفُني أكثر من هذا. جيداً بما يكفي.ولن أتخير في الهوية أو في البطاقة العائلية
ببلادتي المعتقة وبلا مبالاة أيضا.صرتُ أتحدثُ عني بيني بين..أتحدثُ عني كما لو كنتُ صنماً مُقدسُ الهيئة تتعبدهُ الهواجسُ حيناً بعد آخر.

لربما.هذا القليل.القليل مني.. الماكث في اوكار الذاكرة والذي أحتفظُ به خلافاً لكثير من القضايا التي تجاهلتُ عنها.
لربما كنتُ فيما مضى طيباً مع كل من يعرفونني في القرية التي أمضيت فيها عشرون ربيعاً
كنتُ خلاقاً في الصفات.جميل الطباع و حَسين المحيا والكلام.لا أتكلم عادة مع الناس بكثرة او تأويل.لكني أحبهم.ولم أؤذي أحد خلال تلك الفترة..ولم أتصنع الأخطاء
ياااااااااااااااااااه كم كنتُ مسكينا.
كم كنتُ عاشقاً قبل هذا.
لربما كنتُ قبل سنوات أُخفي خلف ملامحي البريئة حباً جامحاً..حباً لإحدى الفتيات الجميلات أجبرني في تالي الأيام بأن أبوح بكل ما يعتريني.من شوق وندم.
حباً قادني إلى القيام بثورة..ثورة الشِعر والكتابة التي عرفتُ بها نفسي.
لربما لو توقفتُ عن الكتابة الآن هنا.لفترة طويلة.. لَضعتْ باحثاً عني في جميع القوالب بلا عودة.ولن ألقاني مكبلاً بالعُمق في وسائل أخرى لا سبيل ولا خروج منها مطلقاً.

لم أكن لأحب الكتابة كثيراً.رغم كل هذا.غير أن هنالك أمور طاغية.سلبت مني العقل والشغاف.وأثارت في إسهاب فكري العاطفي بين الجراءة وبين التبوح في معظم الأحيان.
مخافة أشياء أهرع من ذكرها كلما تصورتها في مخليتي.في أكمل صورة.
أشياء.وأشياء تتفاوت من أمامي خلسة
ملامح بالية.وأسوار عتيقة.ونقوش وإنبعاث عشق قديم.
لأسباب غير معروفة.فجأة صرتُ كاتباً..لا لستُ بكاتب..أنا مهلوسٌ أجدعُ الصدق..لا ألتزم برصف البلاغة والصرف والنحو على أتم الأصول.ولا أُزينُ الكلمات واللغة كما ينبغي من بدائع وأفكار.
لست أكتب_أنا أهذي.تلك هي الحقيقة أنا لا أبالغ فيها قط.

لا أؤمن بالمقابل أنني حين أكتب لأجل نيل جائزة ما أو من شأن أحلام مقهورة.
لا..بل إيماناً وإعتقاداً من ذروة الأخلاق في الروح ومن تطلعات الوجد واليقين.أقتفي أثري .وأؤكد أنني أحيا..أنني باقِ..أنني أستحق

أكتبُ. أولاً.لترتيب أشلائي المنتشرة التي بعثرتها الحروب في أرجاء المكان.قطعة.قطعة
أكتبُ.
لموتٍ يومي وعبثي ينالُ من واقعنا المرزي.
لبلد الإيمان والحكمة الذي لا امان به
لباب اليمن العظيم.
للمدينة
للاطفال الذين يتسكعون في الشوارع
ويكبرون على نغمات المدافع
وهدير الطائرات.
للنساء اللاتي في السجون.
للثائرات والثائرين
للثورة.
للحب.الحب في المدن والمدارس المكدسة بالموت
للجنود المعاقة.
للبيت الشهيد.
للمعركة والأخرى.

أكتب.لأمي.أمي القديسة التي لا تقرأ رغم تيقني أنها تتهجأني دفعة واحدة .تنهيدة.تنهيدة
لمرضها الذي أدمن الجدران والدار
لجلطتها التي شلت كل مفرداتي قبل يدها ورجلها اليابس.
لأبي الكادح الذي يقفُ بجانبها طوال هذه السنوات وعِشرِةُ العمر المتبادلة بينهما.
لقريتنا.قريتنا المُقرعة_المهذبة الجدباء
لأعراس الفقراء
للرفاق هنالك
لأشجارها وأحجارها
للدِيم والصبولِ الصغيرة
لجِربِ القاتِ وأحوالِ الذُرة
والشواجب
للسنابل
للجهيش
للصباح
لأيوب طارش ولصوته الطروب
(تليم الحب)(محلى هواك)(يا ليتني طير)
للمطر .المطر حين يتهاطل فوق رباها والجبال
حين تبدو بذلك لوحة الله التي لا تُقدر بثمن.جمالاً وشاكلة وصورة

لحبيبتي.. القروية التي لا تحبُ الشِعر ولا القصائد .
حبيبتي التي لن تنتبه لأخطائي الإملائية الكثيرة بها والتي لن تقرأ لي هذا النص أبدا.

عبدالله محمد الصنوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *