وراءَ الغَيْم
لم يبقَ في القلبِ قال المدنفُ الوصِبُ
إلا وجيبٌ عَلَتْ أنّاتِهِ النُّوَبُ
واحسْرتاهُ على ما كان من لهفٍ
كأنّما قد نأى عن نبضِهِ العصَبُ
فاسْتيْأسَ العشقُ من آهاتِ مَنْ عَشقوا
في نوْح نايٍ وَقدْ غُصَّتْ بها الكُرَبُ
ما للمعازِفِ هَلْ بُحَّ النشيجُ بها
أما لإنْشادِها رجْعٌ فَتصطخِبُ؟!
أم هل تراها سَرَتْ في اللحنِ قافيةٌ
توجّعَ العشقُ منها واكتوى القَصَبُ
ثمّ استطالتْ إلى أوتارِ نائحةٍ
أصابتِ الخفقَ في وجدانِ منْ رَغِبوا
عن سِكّةِ الحبِّ في صمتٍ وفي وجَلٍ
وما إخالُ عرَتْ أشواقَهُمْ رِيَبُ
فالشكُّ ملحٌ لأهلِ العشقِ يصقلُهم
في محنةِ الظنِّ والأشواقُ تلتهِبُ
أَيْنَ الذينَ تغشّى الوجدُ صبوتَهم
فهلْ تولَّوْا أمامَ الوهمِ واضطربوا؟!!
وأيْنَ منْ صدَّعوا الدنيا بنشوتِهم
ما لي أراهم مضَوْا في التّيهِ واغتربوا
حتى يعودوا وينكبُّوا على طلَلٍ
يبكون حُبًّا تولّى نعيَهُ الهرَبُ
فعادهُمْ طائرُ العشاقِ في شجَنٍ
وَراح يسألُ هلْ كلُّ الهوى كَذِبُ؟!!
رُدّوا عليهِ أيا مَنْ شفَّكُمْ حَزَنٌ
فرطَ التّنائي فجفَّ المرتعُ الخصِبُ
رُدّوا عليهِ أيا عشّاقُ وَاعتذِروا
لكنْ بدمْعٍ فليستْ تشفعُ الخُطَبُ
فبَوحُ دمعتِنا في القلبِ مستتِرٌ
تكادُ تعجزُ عن تسطيرِهِ الكتُبُ
كم أرسلَ القلبُ مِنْ شكوى، وَفي عتَبٍ
فافْتَرَّتِ الروحُ كيْ لا يُكشفَ العتَبُ
وَاسّاٰءَلَ الحبُّ عن أسبابِ نكبتِهِ
من ذا ليجْلُوَ ما قد أخْفتِ الحجُبُ؟!
فطارَ قلبي وراءَ الغيْمِ مُسترِقًا
بداءَةَ السمْعِ حينَ استغْنَتِ الشّهُبُ
وَلَوَّعَ الشّهْبَ ما في القلبِ منْ حُرَقٍ
فَنارُ قلبِيَ يخشى لسعَها اللّهَبُ
أخشى على العشقِ أنْ ترتدَّ لوعتُهُ
وأن يبوءَ بهجرٍ جرَّهُ الغضبُ
ويصدأَ القلبُ في غمٍّ وفي كَمَدٍ
ويصبَأَ الحبُّ لا وجدٌ ولا طرَبُ
لا لا أظنُّ سيغدو الحبُّ منهزمًا
فالحبُّ طبٌّ يداوِي كلَّ مَنْ نُكِبوا
ولَمسةُ الحبِّ يحوي طبُّها عجبًا
وقدْ تعجّبَ من سلطانِها العَجَبُ
الصدقُ حافظُهُ والبِرُّ عاصمُهُ
والطّهرُ أمٌّ لميثاقِ الهوى وَأبُ
قوموا إلى الحبِّ يا عشاقُ واغترفوا
من نبعِهِ خمرةً يقتاتُها العِنبُ
باسم أحمد قبيطر - إسبانيا 🌴
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب