الخميس، 13 فبراير 2020

نعم سوف نمضي بقلم الشاعر باسم احمد قبيطر

نَعَم سوفَ نمضِي..!

هنيئًا لِمَنْ في الشَّبابِ تذكَّرْ
بأنَّهُ ماضٍ لأمرٍ مُقدَّرْ

وعجَّلَ بالخَطوِ صوبَ النَّجاةِ
وثابَ إلى الرّشدِ لمْ يتأخَّرْ

وأدركَ أنّهُ ما منْ مفرٍّ
فَآبَ بِجِدٍّ ولمْ يتذمّرْ

وشدَّ الرّحالَ إلى المُنجِياتِ
فصامَ وصلّى وحجَّ وَكبَّرْ

ونادى بمحرابِ قلبٍ كسيرٍ
ألستُ الضعيفَ أمامَ المُدبَّرْ؟!

غدًا سوفَ ألْقى قضاءَ الإلٰهِ
فأينَ أفرُّ وَأمري مُسطَّرْ

على صفَحةٍ طَيَّ غَيْبٍ مَهِيبٍ
ولم أكُ شيئًا أوانَ تحبَّر

وإذْ كلُّ شأني وعمري وحالي
تقدّرَ في الغَيْبِ ثَمَّ تقرَّرْ؟!

أتاكَ العُبيْدُ الفقيرُ إِلٰهِي
فكنْ بي رحيمًا فحالِي تعسَّرْ

وما مِنْ عسيرٍ عليكَ عسيرٌ
ورملُ الصَّحارى متى شئتَ أثمَرْ

تَسوقُ الرَّبابَ وتُزجِي السَّحابَ
وذا الرَّعدُ سبَّحَ والوَدْقُ أَخطَرْ

بمُزنٍ تَهِلُّ بإذنِ الإلٰهِ
وغيمٍ تراكمَ ماءً وأمطَرْ

تباركتَ ربِّي، بِكُنْ إنْ تَقُلهَاٰ
لَسالَ الْيبابُ كفَيضٍ بِكَوْثَرْ

وَمَنْ ذَا لِيحصِي هِماكَ السخِيَّ
وما كانَ رِفْدُكَ قَطُّ لِيُحصَرْ..!!

تردُّ الفيافِيَ من بعدِ قحطٍ
جِنانًا بهَا العيشُ أزكى وأنضَرْ

يجوبُ بها الطيرُ كيما يصلِّي
لربِّ الخلائقِ لا يتضجَّرْ

ويُثني على اللهِ حمدًا وشكرًا
يطيلُ السّجودَ وبالذّكرِ يجأرْ

إليهِ بغفرانِ ما قد تقدَّـ
مَ مِنْ سيّئاتٍ وما قد تأخّرْ

تراهُ يُسِرُّ التضرُّعَ حينًا
وحينًا بِهِ يتغنّى ويجهَرْ

فيلهجُ ليس يمَلُّ الدعاءَ
بصدقِ ابتهالٍ كشيخٍ مُوَقَّرْ

ومِنْ ثَمَّ يَأوي إلى وكْنِهِ
ينامُ ويصحُو لكيْ يتفكَّرْ

يؤذِّنُ للفجرِ وقتَ النَّدى
وينوي الوضوءَ بطلٍّ تقطَّرْ

ويمَّمَ شطْرَ مقامِ الصلاةِ
إلى كعبةٍ في الْجَنانِ ومَشْعَرْ

وأدّىٰ ثلاثًا قُبَيْلَ الْأذانِ
تُرَىٰ جاءَ شفعًا ومِنْ بعدُ أَوْتَرْ؟!

كذاك الفراشاتُ تأتِي الزهورَ
لترشفَ حُبًّا بهِ الضَّوْعُ بَشَّرْ

وقدْ أينعتْ في الحقولِ الغِلالُ
وطابَ جَناها كَمَا النَّخلُ أبْسَرْ

بقولِكَ للعسرِ أنْ كنْ يسيرًا
غدا واسْتحالَ مِنَ اليُسرِ أيْسَرْ

سأمضِي إلى حيثُ أبقى وحيدًا
سوى من ذنوبِيَ ساعةَ أُقبَرْ

وأُدفَنُ في جوفِ لحدٍ ظليمٍ
يُرَدُّ الترابُ علَيَّ وَيُكْفَرْ

وإنِّي لديكَ أبوءُ بذنبِي
عسايَ أنالُ رضاكَ وأُعذَرْ

فإني المسيءُ وإني الأثيمُ
وإني بقيدِ الذنوبِ مُصَرَّرْ

وأنتَ الجوادُ وأنتَ الكريمُ
وأنتَ الرحيمُ وبالصّفحِ أجْدَرْ

وأصبو إليكَ وأنتَ العفوُّ
وبالعفوِ تُرجى وبالعفوِ تُذْكَرْ

فَمُنَّ بصفحِكَ كيْما أفوزَ
وإلَّاٰ فإنِّيَ ماضٍ لأخسَرْ

مهيضَ الجناحِ أتيتُكَ أَحبو
وريشِيَ مِنْ فرطِ إثمِي تكسَّرْ

تركتُ الأمانِيَّ خلْفِي وجئتُ
أرومُ الجِنانَ متى العمرُ أدبرْ

لكلٍّ مصيرٌ يؤوبُ إليهِ
وَمَنْ تَعْفُ عَنْهُ فبِالخلدِ يظفَرْ

نَعَم سوفَ نمضِي إلى لحدِنا
ودودُ البِلى في القبورِ تَحضَّرْ

سينْهَشُ في كلِّ لحمٍ وعظمٍ
وفِي كلِّ يومٍ سيطلبُ أكثرْ

هنيئًا لعبدٍ وعى واتّقى
وقدَّمَ خيرًا بِهِ يتدثَّرْ

وجَدَّ يُسابِقُ بِالْمَكرُماتِ
ولِلحقِّ ثوبَ المروءةِ شمَّرْ

وإذْ ذاكَ يُكفى عذابَ القبورِ
وتغدو القبورُ من النُّورِ أنْوَرْ

فلا تنتظرْ يومَ يُحثى الترابُ
عليْنا فرادى .. أمَا الموتُ أنذرْ؟!

هنالِكَ تحتَ الترابِ نُوارى
فثَمَّ المآلُ وفي القبرِ نُحصَرْ

تساوَتْ قبورٌ بحدِّ الصَّعيدِ
وأُخرى تباهَتْ بِزهرٍ ومَرمرْ

وإنَّكَ طينٌ تعودُ لطينٍ
فلا تنسَ واعملْ ولا تتأخَّرْ

هَلُمَّ لتختارَ دربًا قويمًا
هما مسلكانِ لِمَنْ يتبصَّرْ

فإمَّاٰ جُحودٌ بربٍّ كريمٍ
وإمَّاٰ يقينٌ وما شئتَ فاخترْ

فيومُكَ آتٍ إليكَ سِراعًا
ومن بَعْدِ موتٍ تقومُ وتُحشَرْ

ينادي منادٍ لوعدٍ أكيدٍ
فماذا تقولُ إذَا الصبحُ أسفَرْ؟!

فيومُ "التَّناٰدِ" تفيقُ النفوسُ
وتذهلُ عن كلِّ أمرٍ وتَسْكرْ

تَراها سُكارى وليستْ سُكارى
ولكنَّ أمنَ الفؤادِ تَكَدَّرْ

فما عاد يُرجى سوى صفحِ ربٍّ
ودودٍ غفورٍ لِكَيْ نتطهَّرْ

فَلا لاٰ تُغرَّ ببأسِ الشَّبابِ
وهلْ كُنتَ تأمَنُ أنْ تتعثَّرْ؟!

فحضِّرْ ليومِ القيامةِ حُسنًا
وأقبِلْ بزادٍ ومِنه تكثَّرْ

بزادٍ يُعِينُكَ بعدَ المماتِ
وكنْ مستقيمًا تَرَ الشرَّ أدبَرْ

وكنْ زاهدًا بالحياةِ قنوعًا
وطلِّقْ غرورَكَ لا تتجبَّرْ

وإنْ تُحْنِ رأسًا لربِّكَ تَسْمُ
وإنْ كُنتَ عبدًا لهُ تتحرَّرْ

فَهيَّاٰ إلى التَّوبِ قَبْلَ الفواتِ
لِتحظى بعتقٍ وفوزٍ مُؤزَّرْ

وأَقبِلْ علَى اللهِ سلِّم لَهُ
بهِ الموبقاتُ متى تُبْتَ تُغفَرْ

وسارِعْ إلَى الْخيرِ يُسبِغْ رضاهُ
علَى اسْمِكَ ريحًا كمِسْكٍ وعنبَرْ

وَهَيِّءْ لِعُسْرِكَ أمرًا يسيرًا
وَمَنْ ذا الّذي لا يَزِلُّ، وَيَعْثَرْ؟

فَذِكرُ الإلٰهِ أمانٌ مكينٌ
إذا الذَّنبُ يطغىٰ فربُّكَ أقدَرْ

ولا تخشَ همًّا ولا تخشَ غمًّا
إذا الْهَمُّ يكبرُ فاللهُ أكبَرْ

ولكنْ تذكَّرْ فأنتَ فقيرٌ
وفِي كلِّ يومٍ إلى اللهِ أفقَرْ

باسم أحمد قبيطر - إسبانيا 🌴

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *