الأحد، 19 يوليو 2020

أجتياح بقلم بقلم نجلاء القصيص

اجتياح
----------------------------------------
صوت الرعد يزمجر، بكاء الريح الغاضبة يصدح في الخارج، صراخ الأشجار واستنجادها يملأ المكان. تسقط الأمطار بغزارة ملتهمة هدوء الليل، مسدلة وحشة تلف المكان.
المنزل ينام بين ذراعي الجبال المرتفعة، لمعان البرق المتكررة تضرب النافذة بقوة، يبتعد قليلا، تجنب الشرر أن يصيبه بسوء، يجمع أوراقه المبعثرة خوفا من تسلل قطرات المطر إليها، يطلق لبصره العنان في رحلة استكشافية سريعة، تلتقط عيناه جزءا ًكبيرًا من الحجرة المبللة، يسرع مسابقًا الزمن لتجفيف القطرات المتسربة من السطح المتآكل والآيل للسقوط في أي لحظة، حتى لا تغرق أشياءه تالفة

يتذكر شيئًا ما يسرع إلى الأسفل يتجاوز الدرج بسرعة البرق الذي يقبل زجاج نافذته، يهرع إلى باب المنزل يتردد قبل تجاوزه، العاصفة هوجاء، والريح قوية جدا تجلد كل  شيء يقف أمامها بقوة، كأنها تريد الانتقام لثأر مضى عليه سنين.
أغلق الباب خلفه متجها إلى الحوش يبحث عن شيئا ما!

زخات المطر العنيفة تصفعهُ بقوة، يكاد يقتلعه الإعصار من مكانه، أوراق الأشجار تتساقط وتتطاير في الهواء، بعضها يطير ويختفى في الأعلى والبعض الآخر يتجه نحو الأرض ليشهد حتفه في رحلة وداع غير متوقعة.

يكمل سيرة باتجاه الكوخ القديم في نهاية  الحوش، السيول تتجمع من قمم الجبال وتخط طريقها من أمام منزله تتدفق من كل جهه، يقف حائرا ًيبحث عن طريقة للوصول إلى الكوخ المحاصر بالماء، يسأل نفسه: "كيف يمكنه العبور إلى الجانب الأخر"؟
بعد تفكير وجد طريقًا ًمختصرا كمية المياه فيه قليلة التدفق، يقفز إلى الجهة الأخرى، يتمسك بجذع شجرة قديمة، يلتقط أنفاسه بصعوبة، يدلف للداخل بعدما دفع الباب بقدمه، يتخبط وسط الظلام، يبحث في الزوايا المختلفة، يساعده ضوء البرق المتكرر بالتحرك ورؤيا المكان، يجدف بيديه يمينا ًويسارًا، يسأل نفسه ُياترى أين اختفت؟
هل أخذها السيل في طريقه!
هل كانت في الخارج فأخذتها  العاصفة؟
الباب  مؤصدًا على ما يبدو من الداخل.
وهذا دليل أنها لم تغادر الكوخ، ينادي بصوت مرتجف وكلمات متقطعة: خالتي..خالتي ..هل أنت هنا!
يكررها مرارًا..
توقف قليلا فمظاهر التعب والبرد واضحة عليه.
يلتقط أنفاسه، يبدأ بتفتيش كل شبر في الكوخ من جديد، يتنهد بحرقة يتجه إلى آخر زواية فيه، يخاطب نفسهُ:بالتأكيد لن يتحمل جسدها الضعيف العاصفة، يبعد القش المتراكم سريعًا فيأخذه المطر في رحلته نحو الخارج. يتسلل اليأس إليه، يجثو على ركبتيه.يضرب الأرض بكلتا يديه، يتطاير الماء فيتبلل وجهه، فجأة يلمح شيئًا يمر أمامه يمد يده، يتعثر، يسقط في الماء، يرتطم رأسه بالعمود يفقد توازنه، تتسرب كمية من السيل إلى حلقه. يغمض عينيه، في الصباح بعد توقف المطر ظهر في المكان البعيد شبح امرأة مرتدية للطين حين طفا  البشر وثبت قش الكوخ.
---------------------------------
نجلاء القصيص

من الأرشيف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *