*
🌹قصه قبل النوم 🌹
سلسلة أهل العلم*
الحلقة (2)
*أبو هريرة رضي الله عنه*
هو الصحابي الجليل الحافظ المكثر، المعروف بكنيته، اختُلف في اسمه على نحو ثلاثين قولًا، وأشهرها: عبد الرحمن بن صخر الدوسي، من دوس بن عدنان ابن عبد الله بن زهران، من اليمن، أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة، وقدم المدينة مهاجرًا وسكن الصُّفَّة، وكان قد شهد خيبر مع النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ لزمه وواظب عليه رغبة في العلم، ويقول أبو هريرة محدِّثًا عن نفسه: «لقد رأيتني أُصْرع بين منبر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وحجرة عائشة، فيقال مجنون وما بي جُنون، وما بي إلَّا الجوع».
*وقد كان رضي الله عنه أكثرَ الصحابة رواية وأوَّلهم على الإطلاق، وله في كتب الحديث ٥٣٧٤ حديثًا، وله فضائل ومناقب*.
وقد استعمله عمر بن الخطاب على البحرين ثمَّ عزله، ثمَّ أراده على العمل فامتنع، وسكن المدينة وولي إمرتها وناب عن مروان في إمرتها، وبها كانت وفاته سنة سبع وخمسين من الهجرة (٥٧ﻫ)، وقيل: مات بالعقيق وحُمِلَ إلى المدينة، وصلَّى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، وكان أميرًا على المدينة لعمِّه معاوية ابن أبي سفيان.
*وسبب روايته العدد الأكبر من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لزومه ومواظبته مجالس الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، ودعاؤه له، يقول أبو هريرة: «والله إنِّي كنت رجلًا مسكينًا، أصحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على ملء بطني، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، فحضرت من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مجلسًا، فقال: «من يبسط رداءه حتَّى أقضي مقالتي ثمَّ يقبضه إليه فلن ينسى شيئًا سمعه منِّي»، فبسطت بردة عليَّ حتَّى قضى حديثه ثمَّ قبضتها إليَّ، فوالذي نفسي بيده ما نسيت شيئًا سمعته منه بعد*».
أمَّا عن كنيته رضي الله عنه، فقد أخرج الترمذي عن عبيد الله بن أبي رافع قال: قلت لأبي هريرة: لِمَ كُنِّيت بأبي هريرة ؟ قال: «كنت أرعى غنم أهلي، وكانت لي هرة صغيرة فكنت أضعها بالليل في شجرة، وإذا كان النهار، ذهبت بها معي فلعبت بها، فكَنَّوني أبا هريرة».
قال العلامة محمد رشيد رضا رحمه الله :
"*لكثرة حديث أبي هريرة رضي الله عنه أسباب ، استخرجناها من عدة روايات* :
*أحدها : أنه قصد حفظ أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ، وضبط أحواله ؛ لأجل أن يستفيد منها ، ويفيد الناس* ، ولأجل هذا كان يلازمه ويسأله ، وكان أكثر الصحابة لا يجترئون على سؤاله إلا عند الضرورة ، وقد ثبت أنهم كانوا يُسَرُّون إذا جاء بعض الأعراب من البدو وأسلموا ؛ لأنهم كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم
*ثانيها : أنه كان يلازم النبي صلى الله عليه وسلم ، ويتبعه حتى في زيارته لنسائه وأصحابه ليستفيد منه* ، ولو في أثناء الطريق ، فكانت السنين القليلة من صحبته له كالسنين الكثيرة من صحبة كثير من الصحابة الذين لم يكونوا يَرَوْنه صلى الله عليه وسلم إلا في وقت الصلاة ، أو الاجتماع لمصلحة يدعوهم إليها ، أو حاجة يفزعون إليه فيها ، وقد صرح بذلك لمروان .
وعن طلحة بن عُبيد الله : لا أشك أن أبا هريرة سمع من رسول
*ثالثها : أنه كان جيد الحفظ قوي الذاكرة ، وهذه مزية امتاز بها أفراد من الناس كانوا كثيرين في زمن البداوة ، وما يقرب منه* قال الإمام الشافعيّ : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره ، وقال البخاري مثل ذلك ، إلا أنه قال : عصره . بدل دهره .
وأعظم من ذلك ما رواه الترمذي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لأبي هريرة : أنت كنت ألزمنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظنا لحديثه .
*رابعها : بشارة النبي صلى الله عليه وسلم له بعدم النسيان ، كما ثبت في حديث بسط الرداء المتقدم*
*خامسها : دعاؤه له بذلك كما ثبت في حديث زيد بن ثابت عالم الصحابة الكبير رضي الله عنه عند النسائي* ، وهو : ( أن رجلاً جاء إلى زيد بن ثابت فسأله ، فقال له زيد : عليك بأبي هريرة ، فإني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ، ندعو الله ونذكره ، إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلينا فقال : عودوا للذي كنتم فيه . قال زيد فدعوت أنا وصاحبي ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمّن على دعائنا ، ودعا أبو هريرة فقال : إني أسألك مثل ما سأل صاحباي ، وأسألك علمًا لا يُنسى , فقال : سبقكم بها الغلام الدوسي ) – قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (4/208) : إسناده جيد -.
*سادسها : أنه تصدى للتحديث عن قصد ؛ لأنه كان يحفظ الحديث لأجل أن ينشره* ، وأكثر الصحابة كانوا ينشرون الحديث عند الحاجة إلى ذكره في حكم أو فتوى أو استدلال ، والمتصدي للشيء يكون أشد تذكرًا له ، ويذكره بمناسبة وبغير مناسبة ؛ لأنه يقصد التعليم لذاته ، وهذا السبب لازم للسبب الأول من أسباب كثرة حديثه .
*سابعها : أنه كان يحدث بما سمعه وبما رواه عن غيره من الصحابة ، فقد ثبت عنه أنه كان يتحرى رواية الحديث عن قدماء الصحابة* ، فروى عن أبي بكر وعمر ، والفضل بن العباس وأُبيّ بن
كعب ، وأسامة بن زيد وعائشة ، وأبي بصرة الغفاري ، أي : أنه صرح بالرواية عن هؤلاء، ومن المقطوع به أن بعض أحاديثه التي لم يصرح فيها باسم صحابي كانت مراسيل ؛ لأنها في وقائع كانت قبل إسلامه ، ومراسيل الصحابة حجة عند الجمهور .
*فمن تدبر هذه الأسباب لم يستغرب كثرة رواية أبي هريرة لاحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم*
"مجلة المنار" (19/25) .
المصادر
موقع فضيلة الشيخ فركوس
الإسلام سؤال وجواب
✍ أسعد الله أوقاتكم بطاعته 🌹❤🌹❤🌙⭐🌙⭐🌙⭐
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب