الاثنين، 10 يونيو 2019

قطوف من: الخلاصة في علوم البلاغة لعلي الشحود(86)

تابع...
                   قطوف من:
   الخلاصة في علوم البلاغة لعلي الشحود
                                            (86)
︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾

🔳  *علـــــمُ البيـــــــانِ:*

◼ *في تقسيمِ التشبيهِ باعتبارِ وَجهِ الشَّبهِ:*

●  *وجهُ الشبهِ:* هو الوصفُ الخاصُّ الذي يقصَدُ اشتراكُ الطرفين فيه، كالكرم في نحو: خليلٌ كحَاتِم، ونحو: له سيرةٌ كالمسكِ، وأخلاقُه كالعنبرِ.

واشتراكُ الطرفينِ قد يكون ادِّعائياً بتنزيلِ التضادِّ منزلةَ التناسبِ، وإبرازِ الخسيسِ في صورةِ الشريفِ تهكُّماً أو تمليحاً، ويظهرُ ذلك مِنَ المقامِ.

▪ *وينقسمُ التشبيهُ باعتبارِ وجهِ الشبَّهِ إلى:*

1 - تشبيهُ تمثيلٍ: وهو ما كان وجهُ الشبَّهِ فيه وصفاً منتزَعاً من متعددٍ، حسِّياً كان أو غيرَ حسِّيٍّ، كقول الشاعر لبيد:

   وما المَرْءُ إِلاَ كالشِّهَابِ وضَوْئِهِ
            يَحُورُ رَمَاداً بَعْدَ إِذْ هُوَ ساطِعُ

فوجهُ الشبَّهِ سرعةُ الفناءِ انتزعَهُ الشاعرُ من أحوالِ القمرِ المتعددةِ، إذ يبدو هلالاً، فيصيرُ بدراً، ثم ينقصُ، حتى يدركَه المحَاقُ. ويسمَّى تشبيه التمثيل.

2 - تشبيهٌ غيرُ تمثيلٍ: وهو ما لم يكنْ وجهُ الشبَّهِ فيه صورةً منتزعةً من متعددٍ، نحو: وجهُه كالبدرِ، ومثل قول الشاعر:

    لا تَطْلُبَنَّ بآلة لَكَ حاجة
               قَلمُ البليغ بغيْر حظٍّ مِغْزَلُ

فوجهُ الشبَّهِ قلةُ الفائدةِ، وليسَ منتزعاً من متعددٍ.

3 - مفصَّلٌ: وهو ما ذكر فيه وجهُ الشبَّهِ، أو ملزومُهُ، نحو: طبعُ فريدٍ كالنسيمِ رقَّةً، ويدُهُ كالبحرِ جوداً، وكلامُه كالدرِّ حسناً، وألفاظُهُ كالعسلِ حلاوةً، ومثل قول الشاعر:

يا شبيهَ البدرِ حُسْناً  وضياءً ومنالا

وشبيهَ الغُصنِ ليناً  وقواماً واعتدالا

4 - مجمَلٌ: وهو مالا يذكَرُ فيهِ وجهُ الشبَّهِ، ولا ما يستلزمُه، نحو: النحوُ في الكلامِ كالملحِ في الطعامِ.

فوجهُ الشبَّهِ هو الإصلاحُ في كلٍّ، ومثل قول الشاعر:

إنما الدنيا بلاء  ليس لدينا ثبوتُ

إنما الدنيا كبيتٍ  نسجتُه العنكبوتُ

إنما يكفيك منها ** أيها الراغبُ قوتُ

واعلمْ أنَّ وجهَ الشبَّهِ المجملِ: إمَّا أنْ يكونَ خفيًّا، وإمَّا أنْ يكونَ ظاهراً، ومنه ما وصِفَ فيه أحدُ الطرفينِ أو كلاهُما بوصفٍ يشعرُ بوجهِ الشبَّهِ، ومنه ما ليسَ كذلك.

5 - قريبٌ مبتذَلٌ: وهو ما كان ظاهرُ الوجهِ يَنتقلُ فيه الذهنُ من المشبَّهِ إلى المشبَّهِ به، من غيرِ احتياجٍ إلى شدةِ نظرٍ وتأملٍ، لظهورِ وجهِه بادئَ الرأيِ، وذلك لكونِ وجهُهُ لا تفصيلَ فيه: كتشبيهِ الخدِّ بالوردِ في الحمرةِ، أو لكونِ وجهُهُ قليلَ التفصيلِ، كتشبيهِ الوجهِ بالبدرِ في الإشراق أو الاستدارةِ، أو العيونِ بالنرجسِ.

وقد يتصرَّفُ في القريبِ بما يخرجُه عن ابتذالهِ إلى الغرابةِ، كقول الشاعر:

   لم تَلْقَ هَذا الوَجْهَ شَمسُ نَهارِنَا
                    إلاّ بوَجْهٍ لَيسَ فيهِ حَيَاءُ

فإنَّ تشبيهَ الوجهِ الحسنِ، بالشَّمسِ: مبتذلٌ، ولكنَّ حديثَ الحياءِ أخرجه إلى الغرابةِ.

وقد يخرجُ وجهُ الشبَّهِ من الابتذالِ إلى الغرابةِ، وذلك بالجمعِ بين عدةِ تشبيهاتٍ، كقول الشاعر:

     كأنما يبسمُ عن لؤلؤٍ
                  مُنَضُّدٍ أو بَرَدٍ أو أقاحْ

أو باستعمالِ شرطٍ، كقول الشاعر:

   عَزَماتهُ مِثْلُ النُّجُوم ثَواقِباً
            لو لم يكن للثَّاقِبَاتِ أفُولُ

6 - بعيدٌ غريبٌ: وهو ما احتاجَ في الانتقالِ من المشبَّهِ إلى المشبَّهِ به، إلى فكرٍ وتدقيقِ نظرٍ، لخفاءِ وجهِه بادئَ الرأي، كقول ابن المعتزِّ:

   والشَّمْسُ كالمِرْآة في كَفِّ
        الأَشَلّْ مُقَلدَّاتِ القِدِّ يَقْرُونَ الدَّغَلْ

فإنَّ الوجهَ فيه: هو الهيئةُ الحاصلةُ من الاستدارةِ مع الإشراقِ، والحركةُ السريعةٌ المتصلةُ مع تموِّج الإشراقِ، حتى ترى الشعاعَ كأنه يهمُّ بأنْ ينبسطَ حتى يفيضَ من جوانبِ الدائرةِ؛ ثم يبدو له فيرجعُ إلى الانقباضِ.

وحكمُ وجهِ الشبهِ أنْ يكونَ في المشبَّهِ به أقوى منهُ في المشبَّهِ، وإلا فلا فائدةَ في التشبيهِ.



                                             يتبع...

                ┄┉❈❖❀✺❀❖❈┉┄  
                     من مختارات:
              سلطان نعمان البركاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *