الثلاثاء، 17 سبتمبر 2019

اسَأتَ الرُّؤى...! بقلم الشاعر _ناصر_ جبران_

أسَأتَ الرُّؤى...!!!

أسَأتَ الرُّؤى فَاسْتَدْرَجَتْكَ المَثَالِبُ 
وَضَاقَتْ بِكَ القُرْبَى فَجُرَّتْ عَوَاقِبُ   
وَحِيكَتْ بِكَ البَلْوَى علينا أتَى بِهَا 
نِفَاقٌ وَمُحْتَلٌّ وَلَاهٍ وَشَارِبُ
وَصِيغَتْ لَكَ الدَّعْوَى بِأنْيَابِ مُشْرِكٍ
وَنَاقوسِ قَتَّالٍ دَعَتْهُ المَكَاسِبُ
وعِنْد المُنَى تَعْدو المَنَايا وَتَصْطَفِي
كَمَا يَصْطَفِي لِلعَادِياتِ المُرَاقِبُ 
تَلَطَّخْتَ بالأجْوَاءِ سِرْبَاً مُجَرَّدَاً 
سوى مِن أزِيزِ الإعْتِدَا وَهو هَارِبُ
وَتَقْصِفُ أطْفَالاً هُنَا وهي رُضَّعٌ 
وَمَن وَهَبَتْهُم ثَدْيَهَا وهو رَائِبُ 
تَلَطَّخْتَ بالعدوانِ حتى تَضَيغَمَتْ
أكُفُّ الثَّرَى شَعْبَاً بِهِ اللهُ غَالِبُ
وَدَارَتْ على العدوانِ مادَارَ حَوْلَهَا
بَكِيلٌ بِمَا تَلْقَى ويُلْقِي المُشَاغِبُ
معَ اللهِ ما ثَارَتْ بَكِيلٌ وَجَاهَدَتْ
لهَا مَاعَدَتْ تُعْزَى الرُّؤى والعَجَائبُ 
وَمِن بأسِهَا يُسْقَى الرَّدَى في رَبِيعِهِ  
هَوَانَاً وَقد جائت تُرَدُّ النَّوَائبُ 
وَتَمْضِي متى شَائتْ بَكِيلٌ بِأمْرِها
رِيَاحُ الهُدَى فَتْحَاً وَتَجْري السَّحَائبُ 
وَمِن عَجَبِ الإيمَانِ في الحَزْمِ أنْ تَرَى
لَهُ شدَّةً تُنْهِي الشَّقَى وهو ضَارِبُ 
أغَارَتْ على العِدوانِ حتى تَوَسَّطَتْ
رَحَى الحَرْبِ فانْصَاعَ الرَّجَا وهو غَالبُ

تُمَنِّيكَ أهْوَاءٌ فلو تُفْقَهُ المُنَى    
لَوَلَّيتَ مَذْعُوْرَاً وَضَاعَت مَآرِبُ  
غروراً يُمَنِّي الكُفْرُ مَن آمَنوا بِهِ   
كَذُوبٌ فَمَا يُوْفِي اليَمَانِينَ كَاذِبُ   
يَضيعُ الثَّرَى في الحربِ عند انْتِفَاضِهِ   
عن الّلصِّ ما عَزَّ الهُدَى مَن يُحَارَبُ   
وَتَصْفُو كؤوسُ القَتْلِ والعِرْضُ وَاقِعٌ  
لِمَن لَامَهُم عَارٌ وَشَرْعٌ  يُعَاقِبُ  
مَتى جُرَّتِ الأعْرَاضُ عِنْد اغْتِصَابِهَا  
تُلَامُ اليَدُ الشَّلَا وَتُهْجَى الأقَارِبُ 
فَلا الشّعْبُ مَعْفِيٌّ ولا العَارُ عَنْهمُ 
سَيُمْحَى أيُمَحَى العَارُ ماصُينَ غَاصِبُ
مَتَى افْتُضَّتِ الأعْرَاضُ أو دُنِّسَ الثَّرَى 
فَقُل للجَنُوْبِيينَ ما العَارُ ذَاهِبُ 
ولا الجَوُّ ياصَنْعَا وإنْ سَامَ قَصْفُهُ   
مُخِيفٌ ولا بَالقَصْفِ تُعْفَى المَخَالِبُ      
وإنْ تَزْحَفَ الدّنيا لِتَجْرِيدٍ مُؤمِنٍ 
تُوَلِّي قِوَى الغَازِيْ وَتُنْعَى المَصَائبُ 
وَتُطْوَى عن المحْتَلِّ أرْضٌ تَوَثَّبَتْ
وفي الحَرِّ ماضَاقَتْ تَموتُ المَشَارِبُ   
ولو قِيْسَتِ الأهْوَاءُ يَوْمَاً بِمِثْلِها
لَمَا اسْتَأنَفَتْ حَزْماً عَلَينا الأجَانِبُ  
فلو كنتَ مَعْدُوْدَاً لَضَيَّعْتَ حِلْفَهَا
كَمَا ضَيَّعَتْ حِلْفَ الغزاةِ المَصَاعِبُ 
تَدَاعَيتَ أعْرَابَاً ! أبِنْ ما تَمَخَّضَتْ 
لِقَوْمٍ على شعبٍ عظيمٍ تَكَالبوا 
أرَاكَ الهُدَى حَزْمَ الفِدَا بعد صَقْلِهِ 
فلا الشِّرْكُ مَرْغُوْبٌ ولا الحَقُّ رَاغِبُ  
ومِن بينِ أنْيَابِ الدُّجَى في عَشِيَّةٍ 
تَخِرُّ المُنَى حَزْمَاً وَتُطْوِى المَطَالِبُ  
وطَارَتْ ضُحَاهَا باليَمَانِين شِدَّةً 
أبَتْ كَفُّهَا الإذْلَالَ فالعَارُ جَالِبُ  

نُصِرْنَا بِدِينِ اللهِ نَصْرَاً أعَزَّنَا
فكُنَّا بهِ الأقْوَى وما اللهُ غَائبُ  
بِهِ يُشْحَذُ الإلْهَامُ وَعْيَاً وَتَرْتَوُي  
أكُفٌّ بِهِ تَقْوَى وَتَعْدُو المَضَارِبُ   
هو الدِّينُ ما يأتِي بِنَصْرٍ لِعُصْبَةٍ  
بهِ تَغْلبُ الدّنيا هُدَاةٌ تُوَاكِبُ   
فكنّا بهِ بأساً شديداً وَقُوَّةً  
على دَرْبِها تَمْضِي الرُّؤى ماتُصَاحِبُ   
أذَابَتْ ومازلْنَا الإبَا في زَئيرِهِ 
أذَى الحَزْمِ فالدّنيا مُذِيبٌ وَذَائبُ  
مَلَكْنَا السَّمَا بالصَّبْرِ حتى تَكَلَّمَتْ 
بِمَنْ نَحنُ أفْعَالٌ لَنَا والمَنَاقِبُ 
وَتَقْفو خُطَانَا مَاعَدَتْ رَاجِمَاتُنَا
حُرُوبٌ وآمَالٌ وَتُجْبَى المَرَاتَب  
وَدِسْنَا سَرَابَ القَصْفِ مُسْتَعْمِرَاً كَمَا  
يَدوسُ العِدَا إقْدَامُنَا وهو وَاثِبُ   

تَوَقَّفْ على شَطِّ الهُدَى يابْنَ غِرَّةٍ
فَعَينُ الغَبَا عَمْيَا متى حَالَ حَالِبُ 
وَجَدِّدْ مع الأهْدَى ارْتِبَاطَاً وَوحْدَةً
إذا اسْتَأجَرَ الغَازِي عَمِيلٌ وهَاربُ
تَدَاعَيتَ نحو الصَّدْرِ بالعَارِ نَاهِشَاً
وَكَفُّ الهَوَى شَلَّا نَعَتْكَ المَضَارِبُ
وَأقْبَلْتَ حينَ الحَزْمِ تَعْدو على الذي
هَوَتْ تَحْتَهُ الدُّنيا قوىً وهو رَاكِبُ
تَظنُّ الشَّمالَ الحُرَّ للحَزْمِ لُقْمَةً
شَوَاهَا لِمُحْتَلٍّ أزِيزٌ وَوَاهِبُ
لِتُلْقِيكَ في دِرْكِ الشَّقَى لِصَّةُ الثَّرَى
فَتُلْقَى كَمَا يُلْقَى على النَّارِ حَاطِبُ
وما قوَّةُ الجَبَّارِ إلّا شَمَالُنَا
وما بأسُهُ إلّا الرَّدَى وهو طَالِبُ
وما أهْلُهُ في الحَرْبِ إلّا قِيَامةٌ
عليها يَسِيرُ النَّصْرُ والغَزْوُ شَائبُ 
أذَاما سَعَى المُحْتَلُّ يَوماً لَأرْضِهِ 
أبَى اللهُ مايأبَى الشَّمَالُ المُحَارَبُ
إلى أينَ يادَعْوَىً على فَرْجِهَا ارْتَمَى
شُذوذُ المَنَايا والْتَحَى الفَخْذَ غَاصِبُ
وما كنتُ يوماً للجَنوبِ الذي هَوَى
بِأحْضَانِ مَأبونٍ تَوَلَّاهُ نَاهِبُ
عَدوَّاً سَعَى بالحِقْدِ يُشْفِي غَلِيلَهُ
ولا بالعِدَا ممّن لِنِصْفِي يُنَاصِبُ
ومَن ضَاقَ مِن عَدْلِ الشَّمَالِ اكْتَوَى بِمَا
نَرَاهُ اكْتَوَى مِنْهُ الجَنوبُ المُغَاضِبُ
نَصَرْنَاكَ يامَن لم تَكن أهْلَ مانَرَى
على مَن بَغَى فَاقْتِيدَ حُرٌّ  يُطَالِبُ
وَآثَارُ ذَاكَ الجَلْدِ والقَيدِ والأذَى
عليَّ اسْتَوَى لم يَمْحو ذاكَ التَّعَاقِبُ 
سَتُبْدِي لَكَ الأيَّامُ عَنِّي وَعَنْهمُ
أُمُوْرَاً وَتُنْهِي مايَطُولُ العَجَائبُ
فَلَن تَشْمَتِ الشَّمْطَاءُ إلّا بِنَفْسِها
ولم يَنْتَصِرْ بالإعْتِدَا مَن يُعَاقَبُ 
ولن تَطْرُدَ المُحْتَلَّ حُبْلَى انْتِكَاسَةٍ  
على ظَهْرِها يَلْهُو قوَىً وهو خَاطِبُ   
وَمَن جَعَلَتْ مِن ( كوسجينا) قِيَادَةً  
غَزَاها الشَّقَى واسْتَهْدَفَتْها الأجَانِبُ 
ومَن طَارَ بالعدوانِ يوماً هَوَى بِهِ
وبالعَارِ يُنْعَى خَاذلٌ وهو نَادِبٌ 
إذاما تَوَلَّى الشَّعْبُ طٰهٰ وَسِبْطَهُ
فلا العِرْضُ قد يُسْبَى ولا الحَزْمُ سَالبُ 
ولا انْقَضَّ مُحْتَلٌّ على غيرِ ذَيْلِهِ  
ومَن يَهْزمُ الدّنيا احْتَوَتْهُ الثَّوَاقِبُ  
فَقُلْ للثَّرَى مَهْلَاً سَيَصْحو جَنُوبُنَا 
وَقَد عَادَ عن إرْجَافِهِ مَن يُعَاتَبُ  
وَتْهْدَى بِنَا الدُّنْيا وَتَرْقَى مَكَانَةً  
مِن العَدْلِ كَمْ بالعَدْلِ تُقْضَى المَطَالِبُ 

وَجَيزَانُ لِيْ أرْضَاً ونَجرَانُ لِي وَلِيْ 
عَسِيرٌ وَأيَم الله لِيْ وَالكَوَاكِبُ  
وَلِي مَرْقَدُ المُخْتَارِ طٰهٰ وَمَكَّةٌ 
ورُكْنٌ يَمَانِيُّ وهذي الجَوَانِبُ 
وما القُدْس إلّا لِيْ وَلِيْ ثمَّ لِيْ وَلِيْ
فِلِسْطِينُ والجُولانُ لِيْ خَابَ غَاصِبُ   

مَلَكْنَا زِمَامَ الجَوّ بالرَدِّ فاسْتَوَى
هُدَى اللهِ  ، مايَعْدو تَضِيقُ المَلَاعِبُ
وأغْبَى مِن اسْتَعْدَى الشَّقَى مُسْتَمِيتَةٌ
مَتى اسْتَصْغَرَتْ بالحَزْمِ مَن لا يُطَالَبُ 
وأعْتَى على العَاتِي يَدٌ مُسْتَحِيلَةٌ 
وَقَومٌ بِمَا جاؤوا العِدَا لم يُخَاطَبوا  
وفي نَارِنَا تُرْمَى الأفَاعِي وَتَنْتَهِي 
سِبَاعٌ كَمَا تُشْوَى الغُزَاةُ العَقَارِبُ
وما اسْتَسْلَمَتْ يَوماً بَكِيلٌ لِمُعْتَدٍ
وفي شَرْعِها مَن يَعْتَدِي لا يُصَاحَبُ
وَمِن حَاشِدٍ تَأتي وَمِن مذْحَجٍ مَعَاً 
رِجَالٌ وَفِيهِم في الوَغَى مَن يُجَانَبُ  
فلاتَيْأسوا ياخيرَ شَعْبٍ مُجَاهِدٍ  
وإنْ طَالَ عدوانٌ العِدَا أو تَكَالَبوا   
غَدَاً سَيُدِرُّ البأسُ مِن كلِّ عُدَّةٍ    
رَخَاءً وإيْمَاناً وتَأتِي الرَّوَاتِبُ...!!!   
ويَبْقَى لنَا الإسلامُ ماعادَ صافياً  
بِسِبْطٍ وأنْصَارٍ وَتُمْحَى المَذَاهِبُ
 
رَعَى اللهُ هذا الوَجْهَ ياخيرَ مَن تَلَى
كَتَاباً لهُ ،أهْدَى بِهِ مَن يُكَاتِبُ
تَزَيَّنْتَ بالفُصْحَى فَمَاً كَمْ بِهِ هَدَى
مِن النَّاسِ قُرْآنٌ وَثَارَتْ كَتَائبُ
وَسَلَّيتَ مِن وَحْي الهُدَى سَيفَ عِزَّةٍ
إذا سُلَّ قُدَّتْ تَحْتَهُ مَن تُلاعِبُ
غَدَاً تَسْتَوي مُلْكَاً وَتَهْدِي مَشَارِقَاً
وَقَدْ طُهِّرَتْ حيثُ اسْتَوَيتَ المَغَارِبُ 

للشاعر/ ناصر جبران

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *