حديث الأحزان الحلقه 16 بقلم الاستاذ يحيى صالح العفيري

( حــديث الأحــزان
الحلقة [16]
.✍🏻/ يحيى صالح العفيري)
بينما أنا أحدث  القمر الذي ظل ساهداً بكبد السماء يجول هنا وهناك ولا يلقى رفيقاً غيري، فيرخي للعالم أنواره الهادئه ويحكي لذوي الأفئدة المكلومة بوحه الشجي،
كنتُ أحاول أسعد نفسي برفقته فأحدثه بنكهة الحب والسرور وأغمز له بعينيّ لعلي أن أرسم على محياه أبتسامة فرح تخرجه من وضع الحيرة التي يبدو بها في تلك الليلة.
حينها تركته لأحدث رفاقي الذين كانوا بجنانبي وهم ممن عاشوا المرارة وأستقوا الألم كشرابٍ هد قواهم ،
بادرنا احدهم بكلامٍ قادنا نحو موضوع العشق ،
فتبادلنا فيه النبرات وعددناها بتعدد تلك الساعات ،
كانت الأبتسامة تزورنا بين الحين والأخر ، وكنا نمضغ أغصان القات ونرتشف الماء ونجوب العالم بأحاديثٍ تجعلنا نذبح صمت الخوف بداخلنا ونعبر بطلاقه.
في تلك اللحظات تسللت رسالة إلى جوالي لتخبرني أن عليّ الحضور إلى موقعي في النت فهناك أمرٌ هام ،
جبتُ أرضي باحثا عن شبكة نت فلم أجد سوى القلق يقتات فؤادي ، فوضع البلد قد أعدم لقمة عيش المسكين وليس النت فحسب.
عدتُ إلى مجلسي السابق فإذا برسالةٍ أخر تقول أعرف وضع النت لديكم لكن أردتُ بأن أخبرك ( أن لكل  نهاية قصة مأساة ولكل بداية لحظات سرور ولعلنا بلغنا النهاية فقد ربما هو حرفي الأخير إليك)
يا الله كم كانت تلك الأحرف موجعه فهي من حبيبٍ لم أتوقع منه هذا البوح وهذا الصد وتلك الخيانة.
قرأتها فأظلمت الدنيا أمام عينيّ ، وتحولت ثواني تلك الساعات إلى سياطٍ من العذاب أقحمتني في دائرة الويلات ، فنساب الدمع على خدي وتشتت فكري فلم أعد أرى حتى أصدقائي الذين هم بجانبي .
أتخذ وجهي لون العتمة وتحول كوني إلى كهفٍ موحش وشعرت بإن لا أحد  يسكن هذا العالم سوى حزنٍ ومكاء ، وفؤادي المتطاير بين حروف تلك الرسالة.
نهضت والدمع يفضحني أمام أصدقائي ونطقتُ بكلمة أستئذنكم على أستحياءٍ مني ، فأصابهم الذعر وأبحروا في زورق الدهشة عن تحولي الملحوظ بذاك الوقت.
جرّيتُ خُطاي والألم يسبقها نحو زاوية الأوجاع التي ألجئ عليها كلما خامرني حزنٌ وفراق،
وصلت إلى مربع الأوجاع وارتميت على الارض ودمعي يجري كالشلال.
لم تغادر تلك الحروف من ذاكرتي فقد باتت تلك الليلة في مخيلتي تطوف وتجول .
كانت حروف الكلمات تطرق ذهني كل ثانية لتبعث إلى مقلتي أشارة سماح بأفاضة دمعي بسخاء في وقتٍ شحت فيه العيون لانها لا تملك أوردة أتصال بالقلوب وأنما إلى صخرة صماء ،
تلك القلوب التي لا تعرف في الحياة سوى النبض والعمل لكي تواصل مشوارها الحياتي وهي في صلابة وقساوة تقتل العاطفة وتذبح الوداد والحب على حافتها الخشنة والمرصعة بدبابيس الإجرام.
بحثت في الأماكن مرة أخرى لعلي أجد رسالة أخرى تنفي حروف القهر المسبق الذي حل بي لكن دون جدوى فأشارة الفراق قد أبرقت وأوقفت الأضواء التي كانت تشعرنا باللُقيا ، وبترت شعيرات التواصل وجمدت عقارب الساعات ليجثم ذلك الليل بشؤمه وكئابته على صدري الضيق والمتوجع من وخز الحروف ، والذي لا زال حديث الجرح من لحظاتٍ مرت مسبقاً ولم تزل تفتح مساماتها المؤلمة في جسدي الهزيل.