الثلاثاء، 21 يناير 2020

* موت الياسمين * للكاتبة : ليلى السندي

موت الياسمين

تنهض باكراً، لتلعن الشمس وتنبذها مطالبة إياها بالعودة حيث أتت.

لم تكن قط صديقة العتمة، كانت تشرق في زوايا القلوب قبل أن تحتضن الشمس أبناءها.

فقدت الثقة في مباهج الحياة، وسلمت كل أسلحتها، مضت مستسلمة تنتظر موتاً يخلصها، مثل ذاك الذي زار بيت أبيها ذات غروب للحب الإنساني.

كانت وحيدة أبويها، بسمة الحياة لهما، وهما بسمتها، حتى انطفئ ثلاثتهم حين هوت تلك القذيفة من حيث لا تعلم.

واستقرت تلك الغادرة في عمقها حيث كانت في عملها، قبل أن تسقط في صحن الدار، أدمعت عينيها لضيقة لم تعلم ماهيتها، غير أن الدمع استجاب ليواسي الفؤاد.

أرادت مهاتفة أمها، لعلها تدعو لها، فتعود سكينتها.

الرقم مغلق، جوال أبيها أيضاً مغلق، ربما لازالا نائمين، لم تهدأ طفقت تحاول التواصل  عبر هاتف المنزل، لا فائدة لمَ لا يرد أحد!؟

غادرت وكلها أمل، أن تكون الأمور بخير، دخلت حارتها، تسمع ضجيجاً كبيراً وترى دخاناً يملأ الأجواء، لا تعلم ماذا حدث.

سألت الناس المتجمهرين: ما الذي يحدث، ماذا هناك؟

أجاب أحدهم:  تم قصف حارتنا، فتهدمت خمسة بيوت، وقُتل من بداخلها.

أسقط مافي يدها، جثت على ركبتيها، استوعبت لم الصمت هو ما أجابها، غدت تبكي صارخة، ليتني كنت معكما، تباً لموتٍ لم يحوطني تحت جناحيه بجواركما.

انسكبت قهوتها، في لحظة سهو منها، تبعتها بضع دموع وجدت طريقها إلى خديها، لعنت القهوة لم تعجلت الفوران.

رمت بقايا القهوة في مغسلة الأواني، وخرجت من مطبخها تلعن الحياة والموت في آن واحد.

وهكذا غدت حياة ياسمين، لعنات تصبها على كل من حولها، وتلعن وطناً ضم تحت سماءه نباتات سامة، امتدت جذورها خارجه، لتعانق ديدان الغدر في أراضٍ تحيط به وتنسى روابط أخوة لم تكن صادقة يوماً قط.

وضحكت هستيرياً حين تذكرت لحظات فكرت فيها أن الحياة ستستمر بين أحضان بيت تبكي كل ليلة على أطلاله.

ليلى السندي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *