..... حسبُ العِراق ...
شعر / محمد إبراهيم الرقيحي
* إلى خَريرِ الفُراتينِ وطُغيانِهما ومائِهما السَّمحِ ..
إلى العِراقِ العظيمِ ..
بشَعبهِ الحُرِّ الباسلِ وحَشدهِ المُقاوِم ..
حَسبُ العِراقِ ثَقيلاتٍ مَصارِعُهُ
دمعٌ يكِفُّ وما كفَّتْ مَدامِعُهُ
دمعٌ يَفورُ على الأَغلَينَ فائِرُهُ
مُصَفَّقًا بِدَمٍ ضجَّت هَواجِعُهُ
كأنَّ (مَعرَكَةَ الجِسرِ) الَّتي شَهِدَت
منَ المَشاهِدِ ثأرٌ ثارَ ضائِعُهُ
وأنَّ كُلَّ شَهيدٍ قد هَوى مِزَقًا
أشلاؤُهُ قِطَعٌ جَلَّت مَقاطِعُهُ
وأنَّ نَقعًا بهِ اسوَدَّتْ عَجاجَتُهُ
مِن هَزَّةٍ غَضَبٌ قد لاحَ ساطِعُهُ
مِن قَبلِ سَبعِينَ هدَّارًا دَمٌ هَدَرٌ
يَبقَى وتَفنَى كما تَفنَى مَباضِعُهُ
مِن دَفتَرِ الجُرمِ تَطويهِ مَلاحِمُهُ
ومِن صَدَى المَوتِ تَرويهِ مَسامِعُهُ
*******
دمعٌ يَجيشُ بِحالاتٍ مُغاضِبَةٍ
كَما تَهيجُ بِإعصَارٍ زَعازِعُهُ
أَبصرتُ مِنهُ عَلَى الخَدَّينِ هامِلَةً
جَمَّ الرَّسائِلِ تُبدِيها طَبائِعُهُ
سَحًّا وفِيهِ جَليلاتٍ ثَوائِرُهُ
قدِ ارتَسَمنَ وتُغلِيها أَضالِعُهُ
دمعٌ يُصَعِّدُ آهاتٍ .. وأَلسِنَةٌ
من جَذوَةِ الوَعيِ تُذكِيهَا دَوافِعُهُ
وإِنَّ في أَمسِ تَذكارًا لمُدَّكِرٍ
لو كانَ يَذكُرُ ما كَانَت وَقائِعُهُ
وعِندَكُم (ثَورَةُ العِشرينِ) حادِثَةٌ
مَشهُورَةٌ فَلْيُراجِعْهَا مُراجِعُهُ
*******
تَعاظَمَ (الحَشدُ) شَعبِيًّا ومُلتَحِمًا
وبُورِكَت مِن أَيادِيهِ صَنائِعُهُ
وبُورِكَ العَزمُ عَزمُ الصَّادِقينَ ومَا
يَجنِي المُنى غَرسَهُ إلَّا مُزارِعُهُ
ولَا يَهُنْ زَرعُهُ المَجنِيُّ عن تَعَبٍ
ولَا تَخَلَّدَ إلَّاهُ وتَابِعُهُ
شَعبٌ تَفلَّتَ مِن أَغلالِ واقِعِهِ
ومَا التَّحَرُّرُ والأَغلالُ واقِعُهُ
رَأى الكَرامَةَ جُرحًا غَيرَ مُندَمِلٍ
إِن تُجتَرَحْ، فَأَبَى تَمضي قَواطِعُهُ
حَيِيتُمُ أيُّها الأَحرارُ إنَّ بِكُم
عادَ الزَّمانُ الَّذي كُنَّا نُطالِعُهُ
كُنتُم وكُنَّا .. ولا زَالَت طَلائِعُكُم
نَحوَ اليَمانِينَ تَحدُوها طَلائِعُهُ
طَلائِعَ المَجدِ والتَّغيِيرِ .. لا وَهَنَت
كَفُّ الكِفاحِ .. ولا زَلَّت أَصابِعُهُ
إنَّ العَدُوَّ لَكُم أَبدَى نَواجِذَهُ
وقَد أَغَرَّتهُ عَن حُمقٍ مَطامِعُهُ
يَزهُو على صَلَفٍ مِن فَرطِ مِنعَتِهِ
كمِثلِ مُرتَدِعٍ قد ضَاقَ رادِعُهُ
يَكادُ يَمنَعُ مِن أَفعالِهِ حَنِقًا
وإِنَّما اللهُ تُخزِيهِ مَوانِعُهُ
طَارَت بهِ لِخَيالٍ زَائِفٍ زُمَرٌ
أُفقًا طَليقًا وَما اجتِيزَت مَراتِعُهُ
وإِنَّما أَمَريكَا مَعْ رَبيبَتِها
لَكالسَّرابِ أَظَنَّتهُ بَلاقِعُهُ
*******
لا يُلفَ مِنكُم على عَزمٍ بِكُم خَوَرٌ
ولَا تَرُجْ غَفلَةً فِيكُم بَضائِعُهُ
كُونُوا على الأَمرِ قَوَّامِينَ فَردُكُمُ
" يُحارِبُ الظُّلمَ مَهما كانَ طابِعُهُ "
وَليَنهَضِ المَرءُ مِنكُم دُونَما جَزَعٍ
يَعرُو الجَنانَ وإلَّا حلَّ جازِعُهُ
خُذوا منَ الأَمسِ تَحليلًا وتَجرِبَةً
ولَقِّحُوها بأَشياءٍ تُقاطِعُهُ
وأَنتِجُوا دُفَعًا لِلخَيرِ ساعِيَةً
فمَا سِواهَا لِذي شَرٍّ تُدافِعُهُ
واستَعجِلُوا مُثقَلاتِ الدَّهرِ أَن تَضَعَ
الأَرزاءَ كَي لا يُرى خَطبٌ وَواضِعُهُ
واستَلهِمُوا عِبَرًا مِن كُلِّ نائِبَةٍ
فَليسَ أَعظَمَ ما تُخشَى فَجائِعُهُ
وصَانِعُوا في أُمورٍ شأنُها رِيَبٌ
ذُو الرَّيبِ يَحذَرُ أَمرًا أو يُصانِعُهُ
هِيَ السِّياسَةُ غَدرٌ ما لَها نَسَبٌ
فهَلْ كَريمٌ لَها تَخلُو مَضاجِعُهُ
وَلتَتَّقُوا العارَ عَن دَفعِ العدُوِّ فَمَا
أَخزَى وأَقبَحَ شَعبًا لا يُقارِعُهُ
والدَّهرُ يَومانِ .. يَومٌ يُستَعَدُّ لَهُ
وآخَرٌ فِيهِ تُستجدَى مَنافِعُهُ
*******
وأنتُمُ يا جُنودَ اللهِ يا سُوَرًا
منَ الجِهادِ بَليغاتٍ شَرائِعُهُ
يا سَاعِدَ المَجدِ يا كَفًّا لهُ صَفَعَت
أمَّ الطَّواغِيتَ أَمْريكا صَوافِعُهُ
ويا رِوايَةَ أَمجادٍ مُضَمَّخَةٍ
بِكُلِّ نَفحٍ شَذيُّ المِسكِ ضائِعُهُ
ويا قَصِيدَةَ ذَاكَ الفَذِّ طارَحَكُم
شِعرًا منَ (النَّجَفِ) المَشهورِ طالِعُهُ
أَذالَ مُهجَتَهُ مِن أجلِكُم وَرَوَى
نَزيفَكُم قَلبُهُ إِذ غلَّ كارِعُهُ
وبَثَّكُم بِفُؤادٍ قابِسٍ وَجَعًا
عَلى العُروبَةِ ما أَلقَت مَواجِعُهُ
واختَصَّكُم مِنهُ مَحضَ القَولِ مأثَرَةً
خَوالِدًا قَد زَهَت فِيهَا مَطالِعُهُ
قَد دَالَ خَمرًا بِأمرٍ صارَ عاصِرُهُ
ودَافَ سُمًّا بِشهدٍ طابَ ناقِعُهُ
هذا الفَسادُ طَغَى واغتاظَ مَرجَلُهُ
فَما العَناءُ ولَمَّا يَعنُ زارِعُهُ
وَما البِناءُ إِذا لَم يُمحَ فاعِلُهُ
إِذا السُّكوتُ غَدا فِعلًا مُضارِعُهُ
تَذكَّرُوا (قائِدَينِ) استُشهِدَا شَغَفًا
غَالُوهُما وَهُما فِيكُم رَضائِعُهُ
عِشقُ الشَّهادَةِ مِن مَرآهُما وَضَحٌ
رَأدَ الضُّحَى انهَلَّ فَازدَانَت شَواسِعُهُ
فهَلْ يَهونُ عَلَى مَرءٍ تَثاقُلُهُ
أَم هَلْ يَهونُ عَلَى مَرءٍ تَراجُعُهُ
*******
بَخٍ بَخٍ يا عِراقَ المَجدِ ظَلتَ عَلَى
كَرِّ المَدى الطَّودَ لا يُوهِيكَ صانِعُهُ
للَّه دَرُّكَ وضَّاحًا ومُنبَلِجًا
فيهِ الطِّباعُ كرِيماتٍ نَوازِعُهُ
ما إِنْ يَزينُ جَبينَ الدَّهرِ مِن غُرَرٍ
إلَّا سَناؤُكَ مِشكاةً لَوامِعُهُ
تلَفَّعِ الفَخرِ مُختالًا فَلا عَجَبٌ
أنَّ "ابنَ غالِبَ" نَمَّاهُ "مُجاشِعُهُ"
تَواضُعُ المَرءِ فَخرًا لا يَزينُ بِهِ
إلَّاهُ زَانَ بِهِ فَخرًا تَواضُعُهُ
فالمَورِدُ العَذبُ مَهما خُولِطَت كَدَرًا
فَما تُسَمَّى سِوَى صَفوٍ مَشارِعُهُ
قَد رَدَّدَ اليَومُ مِن تَرنامِ ساجِعَةٍ
مَا أَنتَ تَلقَى .. ومَا مَلَّت سَواجِعُهُ
*******
أُعيذُكَ الدَّهرَ مِن شرٍّ وذِي شِرَةٍ
ومِن ذَرائِعِ ما تَنوِي ذَرائِعُهُ
فَلا يَهِنْ سيِّدي مِنكَ الجَنابُ وَلَا
تَرُعْ إِذا سُدَّ مِن أَمرٍ شَوارِعُهُ
ولَا تَهُمَّنَّهُ يُلقي كَلاكِلَهُ
فَسوفَ يَردَى وما تَحوِي مَجامِعُهُ
ولَا تَضِقْ بِبَلاءٍ حُمَّ مَوعِدُهُ
ذَرعًا فَقد تَنجَلِي فُجأً بَراقِعُهُ
وسَلِّمِ الأَمرَ لِلأَحرارِ إِنَّ لَهُم
منَ العِنايَةِ ما لَم يُحصَ واسِعُهُ
وسَلِّمِ الأَمرَ لِلأَحرارِ إِنَّ لَهُم
لِيَجمَعُوا الصَّفَّ ما يَبنِيهِ جامِعُهُ
حَسبُ العِراقِ ثَقيلاتٍ مَصارِعُهُ
دمعٌ يكِفُّ وما كفَّتْ مَدامِعُهُ
#محمد_إبراهيم_الرقيحي
#حسبُ_العِراق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب