غربةُ روح..!
أسيرُ بغربةِ الأرواحِ
أستقصِي مراقِيها
وقدْ عزّتْ طرائقُها
فمن يرقى أعالِيها؟!
كذلك أعيتِ الغوّاصَ
إِذْ غاصتْ رواسِيها..!
وكم جُنَّتْ رواسبُها
وعاثتْ في الرؤى تِيها
جذورٌ مِن أسًى فِيها
فمنْ مِنّا يواسِيها؟!
وقد عظُمتْ بلاوِيها
تناوئُ طبَّ آسِيها
وخاضتْ فى منى الذكرى
وما عادتْ تُمنّيها
رمتْها لحظةٌ خطرتْ
بسهمٍ كاد يُردِيها
فلا طيفٌ ولا آٰلٌ
ولا ظلٌّ يُعزّيها
فيا ويحِي لِرَيّا الرّوحِ
إنْ نُكِبتْ أمانيها
وأقفرَ خصبُ روضتِها
تمزّقُه ضوارِيها
وكان البدرُ في أمسٍ
لَيُغضي من درارِيها
كذاكَ الشمسُ تغبطُها
وتشرقُ كي تلاقِيها
ويحكي الوردُ كيف العطرُ
يزكو في روابِيها
وكيف الطيرُ يعشقُها
يغرّدُ كي يُسلّيها
يزقزقُ في الصّباحِ جوًى
ويرقصُ في أماسِيها
وفرطَ نقاءِ صفحتِها
وَطُهرٍ في نواحيها
تَبُثُّ أريجَها الفوّاحَ
عطرًا في بَواديها
فتأسِرُ عينَ غازيها
وَتَخلِبُ لبَّ عادِيها
فمن ذا جاء يقلقُها
بدنيا ظنَّ يُغويها
لقد تنفي الكرى عنها
ولكن لستَ تغريها
ولستَ بنائلٍ منها
غيوبًا لستَ تُحصيها
فلا هاروتَ يسحرُها
ولا ماروتَ يسبيها
وما زالتْ بحاضِرِها
كما كانتْ بماضيها
فعصمةُ أمرِها تنمو
إلى الجبّارِ واليها
أطوفُ بها وقد طافتْ
بغمٍّ خِلْتُ ناسِيها
وما باءتْ وما ناءتْ
بحِملٍ كادَ يُفنِيها
فهل عُدمتْ نوازلُها
من الأسبابِ ترقيها؟!
فلا غيثٌ يروّضُها
ولا أذكارُ راقِيها..!
فهل جاءتْ لتفتنَها
كَمَنْ جاءتْ تؤاخِيها؟!
تواعدُها وتبغتُها
وبالأرزاءِ ترمِيها
تغازلُها وتخذلُها
وبالأدواءِ تُفتِيها
لقد فطِنتْ لما يجري
وعافتْ من يراضِيها
وعافتْ مَنْ بسلوى الأمنِ
يطربُها ليُلهِيها
وداوَتْ صبرَها بالصّبرِ
ترصدُ من يُعادِيها
وأذهلَ صبرُها السحريُّ
لغزًا كاد يطوِيها
فأدعوها وأسألُها
أمِنْ سرٍّ يُجلِّيها؟!
أتَعرفُ ما يجوزُ لها
وتدركُ ما نواهِيها؟!
وأدلجُ تحت جنحِ السِّترِ
أستجلي ليالِيها
وأسبرُ ما تخبّئُهُ
دواهٍ في سواهِيها
وإذ بي أقتفِي أثرِي
طريدًا في مَناحِيها
وددتُ اليومَ لو أذوي
وئيدًا في منافِيها
أسيرًا في مغازِيها
أما أقسمتُ أحميها..؟!
أحملِقُ في مدى الأمجادِ
كم أشتاق أفديها..!!
فَهيّا يا خميرَ دمي
لنشربَ نخبَ آتيها
وطلّق فِتنَةَ الدنيا
وأَعْطِ السّهْمَ باريها
وحيدًا جئتُ أُهدِيها
من الأفراحِ صافِيها
شريدًا لكنِ البشرى
أتتْني الآن تُجلِيها
فتغشاني ببردتِها
لكي أنسى مآسِيها
طربتُ لِبوحِها الشادي
وأشجى الرّوحَ شادِيها
فقل لي إن تكُنْ تدري
بِأَيِّ الرّاحِ أُرضِيها..؟!
باسم أحمد قبيطر - إسبانيا 🌴
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب