إيمان
وقفت إيمانول أمام مذبح الكنيسة تنتظر خاطف قلبها، كان يفترض أن يتقدمها في الحضور، تأمل الكاهن في عينيها يسألها بصوت منخفض خشية أن يجرحها، هل سيأتي ، لقد مرت أكثر من ساعة.
لم يجبه سوى الصمت، تجمعت في عينيها الدموع، تساقطت على ذاك الدانتيل الأبيض المطرز بحبات اللؤلؤ، لتزيده دمعاتها جمالاً.
فُتح باب الكنيسة الموصد ليدلف منه صديق مشترك، وهو يحمل في يده خطاباً ناولها إياه، فضت ختم الرسالة، انطلقت تقرؤه ودمعاتها تستمر في الهطول، أخذت أمها الخطاب لتفاجأ بالصاعقة، لقد أعلنت تمردي على دينكم، واتبعت دين الحق. فإن أردتني فتعالي، وستجدينني في إحدى مساجد المحبة.
مزقت الخطاب، واندفعت نحو باب الكنيسة هاربة تحتضن خيبتها، وفي رأسها ألف سؤال عن ماهية الدين الذي يفرق بين المحبين.
أفاقت من نومها، لتفيق ومعها هالاتها السوداء، وقد عزمت أمراً، إرتدت معطفها، لم ترغب في الفطور، خرجت وكلها تحدي أن تنتقم من دين حرمها السعادة.
دقت أبواب أحد المساجد، فتح لها شيخ يبدو عليه الوقار، لم ينهرها على طريقتها الفظة في طرق الباب، طلب منها الشيخ الدخول، دخلت قبل أن يكمل طلبه، وكان الغضب يرسم ملامحها بريشة سوداء.
أدارت وجهها وبلهجة حادة بادرته بالسؤال، من تكونون حتى تفرقون بيني وبين من أحب، وأي دين بغيض ذاك الذي سرق مني رجلا أحببته وأحبني؟
تبسم الشيخ قائلاً: لا أعلم ماالذي تريدين قوله!؟ هل تظني أنني من بذرت الفتنة بينكما؟ لا أعرف من الذي تتكلمين عنه، أرجوكِ كوني واضحة لعلي أفهم.
مرت ساعات وهو يناقشها بهدوء وروية. ولا تنزاح من مكانها، ثسمع الأذان فاستأذنها ليصلي.
تأملت الشيخ حتى فرغ من صلاته، ثم سألته ما الذي تفعلونه؟! وطفقت تسأله عن أمر تلك الحركات التي يؤديها، لم يبخل الشيخ وأفاض عليها من علمه.
غادرت المسجد، وهي مشتتة، مبعثرة الأفكار، بين قولٌ يقنعها بشئ ما، وقولٌ آخر يدور في فلك هذا الدين الذي اعتنقت أفكاره وأساليبه.
بعد خمسة أشهر كانت ساحة المسجد ممتلئة بالزينة، إنه موعد زفاف إيمان، لقد غسلت كل ذنوب ماضيها حين توضأت وأعلنت إسلامها.
نعم ستزف لشاب وسيم، يخاف الله فيها، أعطاها كل مواثيق السعادة، وفي الحفل فجأة ظهر من كان سبباً لهدايتها، نظر إليها مستغرباً، من أنتِ؟!
قالت أنا إيمان، لقد أسلمتُ وجهي للذي فطرني، قال متعجباً: "مستحيل!!"
ثم اقترب منها هامساً ومتسائلاً بصوت منخفض يا شمس الحب، لم إذاً خذلتيني ولم تبحثي عني لنتزوج؟ الحمدلله أن هدانا فلمَ لم تحاولي العثور علي؟
أجابته لقد أسلمت، ولن أتزوج إلا مسلماً مثلي. رد عليها: ولكني أسلمت، سارعت بإجابته قائلة: كلا إنما أنت قطعة من تضاد، ومع أنه لا يجتمع الشيطان والخير، في جوف واحد إلا أنهما بداخلك اجتمعا وبشكل غريب.
لو كنتَ أدركتَ جوهر الدين لعلمتَ أن الإسلام قال رفقاً بالقوارير، إنه دين الحب، لم تحبني قط وإلا لأمسكت يدي وجئت بي حيث النور، كنت أنانياً، استأثرت بالخير لك وحدك، ولا أحب أن يكون ديني معك ناقصاً.
ليلى السندي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب