(( قناع الوفاء)) للكاتبة المتألقة : وفاء الحيقي

(( قناع الوفاء))

كنت بالأمس هنا , لا  أبحث عن شيء, 
ولا أرغب بشيء, 
غير الإنفراد على حافة, 
أملٍ مقطوع,  ثم وضع أحلامي على جناح طير طليق,
لم أبحث عن شيء مُثير, 

أو حتى  قوسٍ ممدودٍ فوق الجبال ليزين المنظر, 
لم أنتظر شيء لا حلم,  لا صديق ولا رواية تهطل على فكري لأكتبها,
لم أنتظر شمعة تشعل نفسها لأجلي,
فأني والله أعلم جيدًا, 
أن لا شيء يمكنه أن يضيء لكي تشرق روحي,  أو ينتشل حزن, مستقر في قاع وجداني
لا شيء يمكنه فعل ذلك غير من. كتب لهذه الروح هذا الوجع,
كنت هنا بلأمس, 
أمارس أيامي الوحيدة دونما أحد أحاول عبثًا ترتيبها, 
أرش الأماكن حولي بالزهور الوردية النابعة من عمق قلبي, 
أُداعب قطرات الندى على خد الزهور,
أرسل للأشجار إبتسامات صادقة,  وعندما تحرق الشمس ظلي أهرول إليها وأستظل,  تحت أغصانها الخضراء, 
كنت هنا دونما أحد هنا غيري,
أُمتع ناظري بالسماء المتزينة بالنجوم اللامعة، وأحدق بشغفٍ إلى الشمس الغاربة!
حتى أتو!!!
لم يطرقوا الأبواب ولم يستئذنوا!
قلتُ للأماكن أكرمي مثواهم ،
كان يبدوء على ملامحهم الأمان ؛ لكنه لم يكن غير قناعٍ بلا إنسان،
أظهروا لي ماكان يعكس باطنهم,  هتفوا : نحن معك,  نحن الأوفياء لا تغيرنا السنين ولا يبدلنا الزمان، نحن لك وطن ومسكن,
وعندما أشبعتهم الأماكن حبًا وأروتهم ودًا, وأهدتهم سلامًا,
ملوا...! حملوا رحالهم وذهبوا, 
سرقوا السلام، والحب
الصفاء ،والنقاء،
الضحك، والإبتسام, 
السعادة والجمال ورحلوا!
وعندما حل الظلام تغيروا..!
عندما جاء الخريف، تساقطوا كما أوراقه تناثروا..! وبقيت أنا أعدهم
وأُنشِد قصائدهم,
سرقوا  إنتاعش الأزهار، وإخضرار الأشجار
سرقوا جمال المكان وتركوا له الظلام, 
سرقوا الضياء ،وضوء القمر، وبقيت الأماكن تحترق بذكراهم!
بقيت كمدينة حلت عليها حربٌ جبارة فدمرت كل شيء,
وها أنا الأن عُدت وحدي بختلاف المكان وتغير الأنهار
فماعاد الجمال بوهجهِ وضيائهِ, 
وما عاد للأزهار رحيق وعطر ينعش الروح والأنفاس, 
ها أنا الأن وحدي مع شجر بلا ورق
و أرض بلا زهر
نهر بلا ماءِ
و سماء بلا نجمٍ ولا قمرِ
يأسٍ بلا أمل وروحٍ بلا شغفِ.

    ✍/#وفــــاء_الحــيقي.