السبت، 13 يونيو 2020

مشاركة في برنامج التميز بقلم ليلى السندي

مشاركة في برنامج  يوم التميز

البالون الأحمر

نامت على فراشها بهدوء، رمت بكل الأفكار في سلة محذوفاتها، أغمضت قلبها المتعب قبل عينيها المنهكة في عتمة ليلها الحزين، باكية بصمت ذكريات بالوناتها الملونة التي حلقت بعيداً عنها ولم تعد إليها.

عادت لذاك المنتزه، حيث كان مفترق تلاقي وإبتعاد، إلتقت لتفترق بمن كان يوماً حلمها أن تعبث معه بالبالونات والدببة.

عادة ما كانت تمر بالمنتزه، لتراه عن بعد دون أن يشعر، كان يمتلك قلبا جميلا، يداعب الأطفال، في تلك الحديقة حيث يلتقي المارة، البعض ينتظر أحدا ما، وآخرون يمرون عليها ليستريحون ثم يستأنفون رحلة حياتهم اليومية في البحث عن متاعب الحياة أو التخلص منها، والبعض يجدها متنزهاً للترفيه عن النفس.

بينما هي لم تكن بحاجة سوى لرؤيته، فأصبحت من زوار المنتزه بكثرة. لقد أحبت طريقة لعبه مع الأطفال تمنت لو تملك قدمين مثلهم لتلعب وتجري حوله، كان يقترب منها كل يوم يهديها بالونات ملونة، ويبتسم ثم يقبلها ليرحل آسفا عليها، فقد كانت تنظر إليه متجهمة، عابسة ترفض الابتسام رغم ترجيه لها.

واستمرت تحضر مع أمها كل يوم لتراه، فقد كان وجهه الملون بكافة المساحيق المضحكة وأنفه المدور الاحمر يجعلها تضحك في أعماقها، دون أن ينتبه أو تجعل أحداً يلاحظها، وكأنها أقسمت ألا تضحك حتى تمشي وتجري حوله كما يصنع الصغار الآخرين.

وجاء اليوم الموعود، نجحت العملية، وإستطاعت أن تمشي على قدميها، بل غدت تركض كما يحلو لها، وبعد أن تماثلت للشفاء، طلبت من أمها أن تذهب للمنتزه كي تحقق حلمها الكبير في أن تلعب مع صانع البالونات وتخبره كم تحبه.

اصطحبتها أمها فرحة بالابتسامة المزهرة على وجنتي فتاتها الصغيرة، وحين وصلت طفقت تركض حول المنتزه باحثة عن مهرجها المحبوب، لم تجده ووجدت بعض من الأطفال ممن كانوا يركضون حوله، سألتهم متلهفة عنه، طاطأ الأطفال رؤوسهم حزناً، قال أحدهم: "لقد صدمته إحدى الشاحنات وهو يحمل بعض البالونات فسقط محلقاً مع البالونات في السماء ومنذ صعد هناك لم ينزل ولازلنا في إنتظاره، لكنه لم يعد."

وقع في يديها وغدت تبكي بكل حزن خلق على وجه الأرض، حتى أخبرهم أحدا آخر منهم: لقد كان يسأل عنكِ كثيراً، لقد قال إنه إشتاق إليكِ، لكنه لا يعرف عنوانك أو اسمكِ."

نظرت إليه وهي تجهش بالبكاء، ثم ضربت قدميها على الأرض قائلة: "ليتكِ لم تعودي ربما ما كان غادرني."

ليلى السندي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *