الأحد، 5 يوليو 2020

مسابقة (لأني كاتبة) 7 شوال بقلم سيرين حسن

#مسابقة لأني كاتبة
الرقم /7
العنوان/ شِوال
الاسم/ سيرين حسن
شِوال

في كل يوم أسير فيه إلى مدرستي أراه, لا يثير انتباهي؛ لأنه وجه آخر يسكن المدينة المزدحمة. وجهه ككل الوجوه الميتة التي تملأ الشوارع, كل يوم أراه في السابعة والنصف قرب مقلب قمامة ينبش فيها, عجلتي في الذهاب لا تسمح لي بالمراقبة أو الرؤية بجدية.
له رجل أقصر من الأخرى تثير فيه ذلك التأرجح عند السير, ذراعاه مثقلتان بحملهما من القنينات, والقوارير المستعملة والتالفة، وجبيه مثقل بالخواء.
كنت أفكر في جمع قنينات الماء له من مجلس (القات) الذي يخزن فيه أبي وأصحابه كل يوم, بكم سيبيعها؟ هل ستكفي إن كانت له عائلة؟
بعد  عودتي من المدرسة, أنسى دوماً أن أضع قنينة الماء الفارغة التي وضعتها في حقيبتي من المدرسة، ثم ترميها أمي في كيس القمامة في آخر النهار,  أود أن أعطيها له نظيفة, كي لا يبحث عنها وسط النفايات والقاذورات.
في أحد الأيام عدت من المدرسة, توقفت أمام حارتنا أراقب الجنازة, اقشعر بدني لرؤية الميت المغطى بالبطانية, مررت بقرب أحد البيوت, سمعت بكاء يكاد يمزق جدرانه المتشققة, لم أستطع إلا أن أدخل.
كانت تتوسط سبعة أطفال, تلطم وجهها, تبكي بحرقة. اندسست في جمع النساء الجالسات.
عرفت أن الميت لابد أن يكون من أهل هذا البيت, لم أكن أعرفهم أو أعرف زوجها، أو هذا ما ظننت, راقبت حزنهم, وبعض أطباق الطعام البسيطة التي تدخل دارهم من الجيران.
تساءلت من يكون زوجها؟ لا نعرف سكان حارتنا لأننا لا نزور أحدا, لعلها زوجة بائع الغاز، أو ربما صاحب الخضار، أو الجزار.
حاولت في طريق عودتي إلى المنزل أن أكتشف المفقود في الحارة, الجزار في محله ما زال يصرخ عاليا هو وصاحب الخضار لجلب الزبائن, محل تعبئة الغاز ما زال مفتوحاً.


صاحب البقالة، الاتصالات، حتى العجوز الذي يقضي نهاره في مراقبة الذاهب والآتي في الحارة، جالس في كرسيه الخشبي أمام الدار لا يمل أبداً.
عدت إلى المنزل أسأل عن الميت في حارتنا, لا أحد يعرفه, شرحت لأبي مكان منزله، لكنه لم يشف فضول أسئلتي.
في الصباح التالي عندما اتجهت إلى المدرسة شعرت بأن الجو غريب, شيء ما ينقصه، شيء أجهله.
بعد عودتي من المدرسة دخلت منزل الميت ببعض الطعام لهم, حالما دخلت استقبلنني بود رغم الحزن,  كان المنزل خالياً من النساء القليلات اللاتي حضرن البارحة.
لاحظت(شِوالاً) بجانب الباب الخارجي, لم أنزع عيني عنه طوال فترة بقائي, حاولت التعلل بالخروج إلى الحمام؛ كي أرى محتويات (الشِوال) الذي بدا لي كأني أعرفه, تعمدت المرور بجانبه؛ لأرى قنينات المياه المعدنية تملأ(الشِوال).
دخلت الحمام، أجهشت بالبكاء, خرجت إلى غرفة العزاء, انسكاب دموعي أثار دهشة زوجة المرحوم, كيف أقول لها إني أعرفه، أراه ولا أراه كما يفعل كل من في الحارة.
بعد ربع ساعة, سلمت عليها لأخرج, وبجانب الباب أخرجت قنينة ماء فارغة من حقيبتي, ووضعتها في (شِواله) للمرة الأولى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *