وعد وظلال
ظلال ترمي بثقلها على كاهل خطواتها، فكأنما قدميها تحمل عدة أجساد مع جسدها الهزيل.
حيث ذهبت تلاحقها، لا يراها أحد سواها، تحاول التخلص منها، لم تجد محاولاتها نفعاً.
كعادتها كل ليلة تقف أمام مرآتها بداخل الحمام، تحدق في ما تراه فوق كتفيها، لم تستطع أن تدرك ماهيتها، ثم تجر قدميها جراً لتذهب للفراش لعل كتفيها يسترخيان قليلاً.
ثمة تساؤلات تدور دوماً بداخلها عن هذه الظلال. تتعجب مالذي صنعته كي تثقلني، مالذي أجرمته لتسكنني الأشباح.
تمر الحياة على ذات الوتيرة، لا جديد تذهب لعملها حيث تبيع الورود والزهور لصلوات الكنيسة في أيام الآحاد، وبقية الأيام تقضيها في الاعتناء بالكنيسة.
وفي يوم جاءتها طفلة تود شراء وردة لتضعها على قبر جدتها، تأملت كثيراً في عيني الطفلة، رأت فتاة تعرفها منذ زمن طويل.
رأت نفسها، تذكرت الآن وعودا كثيرة ألقتها لعائلتها وهي تقف على ضريحهم المشترك، بعد أن قضت عليهم قذائف في أيام الحرب العالمية الثانية، حيث كانت خارج المنزل يومها.
كفكفت دمع عينيها، وخاطبت الطفلة متسائلة: هل وعدتي جدتك أن تزوريها كل أحد.
أجابت الطفلة: أجل.
ردت عليها: لا تقطعي وعداً، ربما لا تمنحك الحياة فرصة الوفاء به، حيث تقضين حياتك في بيع الورود لصلوات الروح، ولا تمنحين وردة واحدة لضريح عائلتك، فتسكنكِ ظلالهم.
ليلى السندي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب