الجمعة، 10 يوليو 2020

مشاركة بقلم عبدالله الصنوي

ضحكتكِ المدوية أشهى إنفجار فخم تمت مشاهدته حتى الآن بأدق التفاصيل وعن كُثب وبصيغة عالية أيضاً منذ إندلاع الحرب في أرجاء البلاد..
لم يحدث مسبقاً أن رأيت رعباً ک الذي تملكين؟
خلف فاهك المخضرم يقف صوت العالم الخلفي المترع بالنغمات والحشرجة ومشاغبات المارة في الأسواق والتجمعات وهتافات الجماهير في الملاعب الرياضية والثائرين من أجل السلام، صمت كلام الكائنات وضجيج الدمار العارم كلها تكمنُ في ضواحي وجهكِ السرمدي..
أنتِ..عنيفة من لدنك عاصفة حزم لكنها خاصة بك وحدكِ ومن نوع آخر؟؟
لكِ أن تتخيلين ذلك ..
حجم إستياء الموقف مثلاً وتدهور وضعي المادي وجيبي المعنوي والفكري ومعاناتي الدائمة وإفلاسي في جميع النواحي والكارثة التي لحقت بأشلائي وجادت بدمي واتجهت نحوي..

لم أكن من قبل هكذا مشوه التفكير ساهٍ وشارد إلا بعدما رأيتكِ تنغمين حداثتكِ المطلقة في الضحك ک مقطوعة متفردة الناي لغناء عال..
ضجة المكان وارتجاف قدماي عند أول نبرة
من صوتك.. وكل ما حاولي جماد لا يكاد ينطق ولم يفق من إغماءه حتى اللحظة..وكائن مثلي هش في طبيعته المترتبة على بعض الخوف كيف له أن يعبر  دون أن يلحق به ضجيج ما أو ضرر بسيط.

عزيزتي أنا شخص لطالما أُخفي ملامحي الميتة في قفاي وأسير لامبالياً في هذه الحياة وأرتدي كلماتي التقليدية ووجهي الكروي الذي لا يليق إلا بفلاح قروي.. أدعي الشعر أحياناً ولا أملكه.. أدعي أنني شاعر ..لا لشيء؟؟
بل أحاول الصعود إلى مخبئكِ بالكلمات و لأصنع مني فكرة ممتازة.. ولأتدحرج نحو شباك نافذتكِ في ليلة ما..ولأصنع مني حزناً جميلاً يشبه عينيك..

كثيرة هي روائي المستقلة لكني لا أبوح بها لأحد..لكنني أجزم لكِ أنني تطايرت شظايا وشعرت وگأنني مبتور وأوحيَّ اليَّ التجزأ قطعة قطعة أمام بياض أسنانكِ الناصعات..وأحسست بأشياء غريبة ادركتها لأول مرة ..
حين ضحكتي شعرت كما لو كنت قداحة زرقاء لا تعمل بالضوء ولا تفتعل الحرائق .  مرمية في الإسفلت وهكذا بكل سهولة تنتهي صلاحيتها تحت عجلات سيارة مسرعة ..

سأقول لك أمراً آخر كنت محتاراً بشأنه منذ سنوات الحرب ؟؟
غير أنه وفي تلك اللحظات الفاصلة تبين لي كيف يكون الحزن والفقد وكيف تحترق البلاد بنا وكيف فاجأها العساكر بالإنقلاب وكيف تتأوه تناهيدها أمهات الشهداء..

تعلمين يا عزيزتي أننا نعيش في أيام صعيبات وأزمات متلاحقة وحروب عبثية تطالنا دون أية وجهة؟؟
لكن لم يحدث أن تعطلت الحياة من قبل إلا الآن
فما الذي بوسعي أن أداري به العمر وضحكتك المدوية تنتشلني ک قطع غيار غير صالحة وقد اتلفتها الأيام.
ثم اتدركين عدد المرات بإنتشاء جثمان الحياة إلى الخارج عندما يتعلقُ الأمر بكِ
آخر شيء لاحظته يا عزيزتي
أن ضحكتكِ على حافة الكمائن هي السبب الوحيد في كل هذا الخراب الحاصل في الأقطار العربية..
كل هذه السنوات والتحالف العربي ومعركة حزمهم الفاشلة في اليمن السعيد لم تجدي نفعا
أتدرين..بأمرهم الأخير أنهم كانوا ولا يزالون يسعون في تقليد صوت دويّ ضحكتكِ دون جدوى
ضرباتهم المتكررة وهدير طائراتهم لا شيء أمام  الإنفجار الحاصل منك
لم يتمكنوا حتى الآن من اصطيادنا في الجبال وفي الضواحي وفي المدائن المحاصرة بالجوع وبالشعارات وبعناوين المواقع الكاذبة و الصحف والمجلات وأنباء نشرة التاسعة.
وضحكتكِ المدوية هي خاتمة الرفاهية الدامية ولا شيء غيرها ..
تتدلى أغصان الحياة من تحت ساقُكِ رويداً بإتجاه رأسكِ يولد المكان ثانية من رحم إبتساماتك والمساء بإيقاع مماثل تلتوي حول أحداقكِ وعُنقُكِ حروب ومعارك جزيلة وطلاسيم ممولة لعشق ٍقديم.

___
عبدالله الصنوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *