"القرارُ الأخير"
كانَ هذا .. قَرَارُها مُنْذُ عَامِ
ترَكَتْني على شَفِيرِ الغَرامِ !
هكذا كان حالُها وهيَ تَمشي
بغُرورٍ على بقايا حُطَامي !
هكذا كنتُ مثل طَيْرٍ جَريحٍ
لم يَجِد عُشَّهُ بهذا الرُّكَامِ
هكذا كنتُ كالبلادِ وحيدًا
ليس حولي سوى"عيالِ الحرامِ"
المُحِبُّونَ مالهُمْ أيُّ مَأْوى
في بلادٍ تعَلّلَتْ بالزّحامِ
والعصافيرُ لم تَجِد أيَّ أُفْقٍ
في سَماءٍ تحَجَّجَتْ بالغَمامِ
والليالي طووويلةٌ لم أَنَمْها
كان صَعباً عليَّ حتى مَنامي
والأغاني مُمِلّةٌ لم أَذُقْها
ما لِقَلْبِ المُحِبِّ غيرَ الصّيَامِ
والبِلادُ التي نُحِبُّ نفَتْنا
حينَ عاثتْ بها أيادي اللّئامِ
كانَ صَمْتِي مُحَدِّقاً في خَيَالي
وخيالي مُسَافِرًا في الظّلامِ
كنتُ ظِلّاً وكانَ للشّعرِ مَعنى
وفَمِي كان مَنْزِلاً للحَمامِ
أَخْرُجُ الآنَ مِن دِماغي لأنسى
كلّ شيءٍ أصابني "بالزُّكَامِ"
سوفَ أنسى قصائدي ، أغنياتي
ذكرياتي ، حقائبي وخيامي
سوف أنساكِ بعدَ عُمْرٍ طَويلٍ
مِن عَذابي وحسرتي وانهزامي
أقفُ الآنَ في وجوهِ المَرايا
شَاحِبَ اللّوْنِ مُمْعِناً في انقسامي
المَرايا تغَيّرَتْ في خَفاءٍ
فهيَ تُخْفِي تشَوّقِي وابْتِسامي
غيّرَ الوَقْتُ كُلَّ شيءٍ جَمِيلٍ
وذوى الآنَ كلّ حَقْلٍ أمامي
وتبَدَّتْ هذي الوجوهُ عرايا
والنّوايا تكَشَّفَتْ للأَنامِ
فدعيني وغُربتي يا " مَرَامٌ "
فالرّحيلُ الرّحيلُ أمسى مَرَامِي
البلادُ التي أُحِبُّ تشَظَّتْ
وتشَظّتْ ملامحي وعظامي
قدَرُ الحبِّ أَنْ تكونَ غَريباً
أن يرى الناسُ فيكَ كلَّ الكَلامِ
أن ترى الناسَ إخوةً ، أن تُغَنّي
أن تقولَ : السّلامُ أهْلَ السّلامِ
بديع الزمان السلطان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب