مقتطفات بقلم سلطان البركاني

تابــــــع...
               (#الغــــــائب_..)
             قصــــة من الواقـــــع

         للدكتور: إسماعيل محمد النجار
               7 يونيو 2017م
                                     الحلقة: (9)
︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾

وما يتعلق بأتباعه لم يعرفوا سر اهتمامه بضيوفه، واقتصر دورهم على تنظيم الاستقبال والاحتفاء بالضيوف على أنهم من آل رسول الله، ودخلت أسرته لخيمته، وألقى عليهم الكلمة المعدة، كما تحدث إليهم عن قصته وأهله، واستغرب الجميع، واعتبروها أسطورة من الخيال، ليرددوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله. ونهض الجميع لاحتضان حمزة الفنصوري بانتظار لقائه مع إخوانه وأعمامه وعماته وأخواله وخالاته، والمكاشفة بحقيقة غيابه.

وعند انتهاء وجبة الغداء استعد الجميع للقاء المرتقب، ودخل عليه الضيوف، وتناولوا وجبة الغداء، ثم أخذوا قسطا من الراحة، ليجلسا بجانبه حكيم شمس الدين وعبد الله حمزة، الذي انتظر هذه اللحظة بفارغ الصبر والسرور.

وبدأ حمزة الفنصوري كلمته بالعربية، ليزيل اللبس بينهم حول حديثه أثناء سقوط عبد الله، وتأكدوا بما لا يدع مجالاً للشك أن صوته هو صوت محمد رسول، وبدأ حديثه مازحا وينادي إخوانه وأخواته باسماء الدلع أثناء الطفولة، مازحا معهم، ومذكرا بمقالبهم وشقاوتهم فردا فردا، وتحدث مع أعمامه عن تعاملهم الحازم لتعليمه أصول الدين، ولاطف أخواله وذكرهم بلجوء محمد رسول إليهم في حالة الشدة، وشفاعتهم لدى والده ووالدته، وذهل الجميع، لتقوم أخته خديجة صارخة: أنت أخي محمد رسول المنصوري، أنت أخي محمد رسول المنصوري. وركضت نحوه، وسقطت على الأرض مغشيا عليها، ورش عليها الماء وفاقت، وضمها لصدره وهو يدمع، وحلق الجميع يضمونه ويبكون، وأصبح الموقف شبيها بالمأتم من بكاء وصراخ.

وأخذهم عبد الله حمزة بلطف لأماكنهم، ماسحا دموع والده ودموعهم، وافتتح حمزة كلامه بكلمته الشهيرة التي استشار بها حكيم شمس الدين، مبينا بكلمته كيف خرج من تريم وحضرموت، ليشعرهم بحسرته على والديه، وسائلا عما جرى بعد اختفائه، وبدأت الحديث أخته زهرة كبرى إخوانه، قائلة: الله يسامحك يا محمد رسول، والديا عاشا حياة يرثى لها بعد اختفائك، فلا تفارقهما ليتذكرا كل المواقف بألم وحسرة، ويعتبران أنهما السبب لاختفائك، ويقضيان معظم أوقاتهما بالدعاء والصلاة لله ليعيدك سالما، لتكون آخر أمنية في حياتهما، وظلا يؤكدان أنك حيا، وسوف تعود إليهما لآخر لحظة في حياتهما، لقد كنت يا محمد أفضلنا علما وأدبا وصبرا، وجميعنا ظلمناك وأسأنا التعامل معك، وتوفي والدي بعد ثلاث سنوات من غيابك، ولحقت والدتي بعد خمس سنوات، وأوصى والدي والدتي في حالة موتهما ترك نصيبك من التركة، واعتبارك حاضرا بيننا، ولا زالت حصتك من الإرث قائمة، وجميع إخوتك وأخواتك غير المتزوجين قطعنا عهدا على أنفسنا ألا نتزوج حتى تعود إلينا، وهذا حالنا حتى الآن.

خيم الوجيم والسكون على الجلسة لبرهة من الزمن، ليتحدث إخوانه وأعمامه وأخواله عن حالتهم بعد اختفائه، والدموع تسيل على خدودهم، وحمدوا الله على لم الشمل، ليقولوا: لقد تنبأ والدك رسول بهذه العودة ولو بعد حين، وحمدا لله على وصية محمد رسول الله في منامك تحقيقا لرغبة حفيده رسول قبل الموت.

طلب حمزة من إخوانه المسامحة على ما بدر، وسامح الجميع ذاكرا أنها كانت الوسيلة الوحيدة والقدر لإخراجه ونشر الإسلام، ودعا لوالديه بالغفران وجنة النعيم، وطلب مسامحتهم لما تركه من معاناة في غيابه، ليأمر الجميع بالإكثار من الصلاة والصيام والحج والصدقة والدعاء لروح والده ووالدته.

                                 يتبــــع...
            ┄┉❈❖❀✺❀❖❈┉┄
                    من مختارات:
              سلطان نعمان البركاني