حسبُكَ المَولى
هاجَ بي الوجدانُ والطرَبُ
وسرَى بي الفرحُ والنصَبُ
وأستَباحَ الشوقُ خاطِرتي
وعدَا بي نَحوهُ الغَلبُ
ورشاً قد مرّ بِي جَذِلاً
راشَ في أجفانهِ العَطبُ
صَادني إذْ مرّ بي وسَبى
هزّ مِن أغصانهِ القُضُبُ
وجههُ ما البدرُ في خَفَرٍ
من سناهُ الشمس تَحتجبُ
خدَّهُ تزهُو سبَائكهُ
عسجدٌ قد زانهُ ذهبُ
صدرهُ الروضُ الشهيُّ جنىً
من شذَاه الورد ينسَكبُ
وقعَتْ عينِي عليهِ فمَا
ليسَ لي عذرٌ أنا السَبَبُ
شبّ بي نِيرانهُ ومضىَ
فأنا المَسلوبُ والسَلبُ
ضاعَ عقلي في ملاحَتهِ
وأدّعىَ في جِدِّي اللَعِبُ
أيّها الشَادي أتفتُكَ بِي
حسبُكَ المولَى ألا تَهبُ
كلمةً تشفي بِها وصبي
أو وصالاً دونَه الحُجبُ
ربّما تشفي الجراحُ متَى
كيفَ تُغري بِي وتنْسحبُ
وأسيرٌ في مقَامَكمُ
عبدُ عبدٍ كيف يَنقلبُ
هلْ إلى عيشٍ يُسَرُّ بِهِ
أو حياة دُونهاَ التَعبُ
كَمْ يغاَدِي جَورَ كُربَتِهِ
إنّني يا خَشفُ مُغتربُ
غُربتي في كلِّ خاطرةٍ
وحُروفي مسَّها الوَصبُ
روحها صنعاءُ كيفَ بِهاَ
عدنٌ يغلِي بها غَضبُ
أكَلت كالنارِ مُطعِمُها
وغَدتْ بالحِينِ تَحتَطِبُ
مأربٌ تُسقي الحزونُ دَماً
تصْطلي كثباَنها القُرَبُ
وأخٌ يغتالُ مطلَعهُ
وفتىً يُزري بهِ الصخَبُ
ويحُ من يقتَاتُ صفوتَهُ
ويلَ من قدْ غرّهُ النَشَبُ
ذاكً يُدعَى بالإمامِ وماَ
أمَّ قوماً غير من نهَبوا
والذّي قد باعَ سُحنَتهُ
من عَدّوٍ ما لهُ نسبُ
كلُّ مَن تبْكي نوادِبهُ
كلُّ من يَثغُو ويَحتسبُ
صَرخُوا في كلِّ رَابيةٍ
شرعَنوا ما إنْ له وُهِبوا
كلَّهم يدعُوا لمَائدةٍ
مِن دمِ الحلَّاج تَحتلبُ
إيه يا قَحطانُ أين بِنا
إيه يا عدنانُ ما كَرِبُ
أتُرى يُشفي النِزاع جوىً
أم يضّل السيلُ يَصطخبُ
نصرُ مَنْ إنّ المآل أسىً
كلُّ من يدنُو به الكَذبُ
كلّهم لِلمُعصِراتِ يداً
خانَهم يا دهرُ ما أكتسَبوا
أيّها الفتّان كيفَ تَرى
وعيونُ الوجد تُغتَصبُ
نضِبَ الدمعُ الذّي سفَكتْ
مُهجَتي والروحُ يلتَهِبُ
غرَّهُ أنّ المَلومُ بَكى
كيفَ يسلُو بي وينتحبُ
وهوَ الموؤدُ في شجَني
وحَنِينِي مضّهُ السغَبُ
نجيب الطيار
أم درمان السودان
٣ / ١٠ / ٢٠٢١ م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب