السبت، 16 نوفمبر 2019

بين يدي الذكري 46 لاستشهاد عملاق الأدب الروائى محمد عبد الولي

بين يدي الذكري 46 لاستشهاد عملاق الأدب الروائى محمد عبد الولي

**في إبريل 2016م كتب الصديق الصحفي عبد الحليم سيف  المقالة التالية لمناسبة الذكرى السنوية لا ستشهاد  عميد و مؤسس و رائد الأدب القصصي و الروائي الحديث في اليمن عملاق الحداثه الأدبيه و التنوير الفكري و الثقافي الشهيد محمد أحمد عبد الولي.
الأهمية ما تضمنته مقالة الصديق حليم من حقائق  عن فاجعة استشهاده في مثل هذا اليوم 30ابريل 1973م... والأيام الأخيرة من حياته  في شمال الوطن ومغادرته إلى عدن بعد أيام من خروجه من سجن القلعة السيء  السمعة..يسرنا في منتدى محمد عبد الولي الأدبي والثقافي. أن نعيد نشر مادة  الزميل عبد الحليم
في مناسبة  إحياء ذكرى إستشهاد المناضل والمبدع و المثقف الحداثي العظيم الأديب الشهيد الراحل محمد عبد الولي.

*محمد سعيد سيف
منتدى محمد عبد الولي الأدبي الثقافي

---------------------------

*46عاما على رحيله الحزين..ومازال يعيش بيننا

** محمد عبد الولي.. عبقرية فنان.. وعظمة إنسان


       في 30 إبريل الماضي ، كتبت مقالة مكرسة للذكرى السنوية لرحيل فقيد اليمن والحركة الوطنية والثقاقة العربية والإنسانية الأديب الكبير محمد أحمد عبد الولي ..، وقد نالت إهتماماً  واسعا  -فاق تصوري- من قبل الأصدقاء ،ً ونشرتها المواقع الإخبارية، ووساىل التواصل الإجتماعي ،  - واجدها مناسبة، لشكرهم على تعليقاتهم الجميلة والرائعة تجاه شخصية عبد الولي الفذة،  باعتباره أحد رسل السلام والثقافة والفن والجمال والمحبة والتنوير  - وذلك لتضمينها معلومات لم يعرفها كثيرون.

    وبعد مرور نحو شهر و26 يوماً من تاريخ نشر تلكم المقالة ، حصلت على حقائق جديدة تتعلق بالأيام الأخيرة والصعبة التي عاشها الأديب عبد الولي في الشمال متوقفا في قرية " النقيلين " في محافظة إب قبل مغادرته إلى عدن.
وجاءت هذه الشاهدة الحية والمؤثرة على لسان الصديق الدكتور عبد الكريم دماج..الذي عاش قصة الراحل العظيم .
ولأهميتها..، ووفاء لقامة كبيرة كمحمد عبد الولي، ولمعرفة كل ما يحيط بشخصيته وسيرتة الذاتية من تفاصيل دقيقة..رأيت من الواجب إضافتها إلى المقالة..في الجزء الوارد تحت رقم (6) لإعادة نشرها كما يلي .

عبد الحليم سيف

#في الذكرى (43) لاستشهاد أمير الرواية في طائرة الدبلوماسيين :

* محمد أحمد عبد الولي فارس الأدب الجميل ..وفيلسوف السياسية

*عندما طلب عبد الولي من الدحان التنازل له في مقعده على الطائرة المكنوبة..!

*الدكتور عباس..الشهيد محمد خاض معاركه بشجاعة من أجل اليمن والإنسان

*الفنان فتاح  ..محمد رحل عنا في لحظة غدر مؤلمة..ومازلنا نبحث عن قبره

* زوجة عبد الولي السويدية حلمت بإقامة نصب تذكاري تخليدا لأديب اليمن...ولكن !

*الدكتور دماج ..هذه  قصة تشيخوف اليمن في" النقيلين " ومغادرته إلى عدن
                                
    
                               (1)

    هذا اليوم في التاريخ هو الثﻻثين من إبريل 2016 م؛ وهو يصادف الذكرى ال (43) لحادثة طائرة الدبلوماسيين ؛ التي أستشهد فيها نحو (32 ) دبلوماسياً يمنيا ؛ في رحلة الطائرة المشئومة من عدن عبر عتق إلى حضرموت ؛ فانفجرت فوق شبوة بعد إقلاعها ؛ وذلك في 1973/4/30م..؛ وبين أولئك الشهداء ممن تطايرت اشﻻئهم في الهواء ؛ كان القاص اليمني الأشهر محمد أحمد عبدالولي ؛ الذي فقدته الحركة الأدبية اليمنية والعربية ؛ وهو في قمه عطائه وتوهجه.
 
       وﻻ شك أن محمد عبدالولي كان عبقريا ؛ وقامة عالية في الحياة الثقافية ؛ والسياسية ؛ والإجتماعية أيضاً ؛ ولعب دورا ﻻ يستهان به في الدفاع عن حقوق الإنسان في الحياة وحتى الحق في الأكسجين.
    وليس مبالغاً في القول .. ان " تشيخوف اليمن" محمد عبد الولي ؛ كما وصفه زملائه الأدباء ؛ كان أميراً بين أهل السياسية والدبلوماسية، والثقافة، والفنون، وأرباب القلم، من كل الأطياف يمنيين وعرب وأجانب.
     فمحمد عبد الولي الذي ولد في مدينة دبرابرهان في إثيوبيا عام 1939م؛ سنتئذ كان والده الفاضل والمناضل  أحمد عبد الولي العبسي مهاجراً وبعيدا عن وطنه ؛  عاش فقيدنا طفولته الباكرة في  الحبشة ،  وتلقى تعليمه في مدرسة الجالية اليمنية في حي "المركاتو" في أديس أبابا ؛ فظهر نبوغه مبكراً بشهادة أقرانه..وبعد حين أنتقل إلى الوطن اليمني..ومنه إلى القاهرة وبرلين موسكو وباريس، وغيرها من مدن العالم؛ عاش محمد عبد الولي حياته، وكتب قصصه، وخاض معاركه الأدبية ؛  وعندما أستقر في اليمن ؛ وجد نفسه بفعل السياسة في قلب مسلسل الملاحقات الأمنية من قبل السلطات المستبدة ؛  شأنه في ذلك ؛ شأن غيره من المبدعين والأدباء والمثقفين والوطنييين ؛ فجعلته "السياسة"ً من نزﻻء المعتقﻻت..؛ فقد تعرض للسجن مرتين.. الأولى لمدة عام في 1966م ؛ والثانية لمدة 8 أشهر في عام 1972م ؛كما تقول سيرته الذاتية.
                                         (2)
    كنت واحداً من المعجبين  لأديبنا الفذ محمد عبد الولي ؛ الذين يتلهفون على قصصه القصيرة ، وذلك في حياتي الباكرةً في مطلع سبعينيات القرن المنصرم في مدينة تعز ..لا أذكر عدد المرات التي وقفت فيها أمام مكتبة "الوعي الثوري ".. الواقعة بجوار البنك اليمني للإنشاء والتعمير في شارع 26 سبتمبر بتعز ؛ لأشتري واحدة من ثلاث صحف أسبوعية أهلية : الوحدة لصاحبها ورئيس تحريرها (المرحوم ) الأستاذ عزالدين ياسين محمد..؛ الرسالة لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ محمد عبد الرحمن المجاهد ، ومأرب لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ هاشم على عابد ؛ كنت أسأل صاحب المكتبة الصغيرة ؛ ذاك الرجل الطيب عبده محمد القدسي ؛ عن الصحف التي تنشر قصص عبد الولي ..كانت جريدة الوحدة تنفرد بنشرها.. فقرأت فيها-  في ألعام 1971م- و لأول مرة  قصة " شيء إسمه الحنين" وقصة " طفي لصي" .
  
     ومثل اترابي أيامذاك ..في مراهقتي وشبابي الأول، كنت أعرف صورة الأديب محمد عبد الولي ؛  التي تنشرها "الوحدة" كان وسيما ؛ وهو كذلك عندما رأيته ذات مرة في معرض شركة شاهر سيف  أحمد الاصنج وأخوانه - أكبر البيوت التجارية في النقطة الرابعة في ذاك الزمان -؛ حيث كنت أعمل فيها ، وفي الوقت ذاته أدرس الثانوية  "نظام منازل " ؛ ثم شاهدته غير مرة ؛ عندما كان يأتي إلى مستشفى الجمعية السويدية للأطفال ، الكائن وقتذاك في ذات  "النقطة"؛ لاصطحاب زوجته السويدية (بريجيتا) .
                               
      (3)

    وعندما كنت طالبًا في كلية الصحافة بجامعة لينينجراد (الاتحاد السوفييتي سابقاً) في النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي ؛ وكان الصديق الدكتور المهندس  عباس أحمد عبد الولي شقيق "محمد" يدرس الهندسة في نفس المدينة ؛ وهو من عاصر الشهيد في طفولته وشبابه..كنت عندما التقيه أسأله عن ذكرياته عن أخيه "محمد" ..كان في كل مرة يتحدث بألم وحزن وأسى كلما ورد سيرة الشهيد...يقول عباس : "محمد" كان إنساناً طيباً واخًا ودودوًِا وصديقًا جميلاًً ..طيب القلب يحب الآخرين..شديد التواضع ..كان يكتب قصصاً قصيرة.. والإنسان هو الحاضر في كل سطر وجملة وفصل.. يرسم أوجاع وأحلامه، وتطلعاته وحبه وشقاوته ..يدافع عن الرجل والمرأة والطفل والشيخ المسن .."محمد" رصد حياة اليمنيين وعذاباتهم ومغامراتهم، وما تعرضوا له من اهوال ومشاق ..داخل الوطن أو في مهجرهم القسري.. "محمد" نابغة سبق عصره..تخيل - يضيف عباس - أن الأدباء العرب كتبوا عن محمد عبد الولي ، اهتموا بأعماله أكثر من الأدباء والمثقفين اليمنيين للأسف.
                                        (4)     
  وعودة إلى حادث الطائرة المشؤومة..فقد قرأت في حوار نشره الزميل سمير اليو سفي في "الملحق الثقافي " لصحيفة الجمهورية الصادرة في تعز - في مطلع التسعينيات  أي قبل ان يتحول الملحق إلى صحيفة الثقافية - ما رواه الأستاذ الكبير (المرحوم) صالح عبده عبد الله الدحان حول حادثة الطائرة..فقال انه جلس مع صديقه الأديب محمد عبد الولي قبل رحلة الطائرة من مطار عدن ؛ وكان الدحان من ضمن ركاب الطائرة ؛ فطلب محمد منه أن يترك له مقعده الوحيد ، لأنه حرص على أن يكون من ضمن ركاب تلك الرحلة وهو ما كان ؛ فنجا الدحان من الموت؛ وذهب ضحيتها محمد عبدالولي ..هكذا تدخل القدر.
                                      (5)
     وأنا أكتب هذه الأسطر العجلى مساء هذا اليوم السبت 30-4-2016 ؛ تواصلت مع الصديق القاص والفنان عبد الفتاح أحمد عبد الولي ؛ وسألته عما يعرفه عن خلفية إستشهاد شقيقه "محمد " في طائرة الدبلوماسيين المنكوبة.

فرد بقوله :

" في تلك الأيام من عام 1973 كنت أدرس بموسكو..وأخي المهندس عباس هو من عاصر شقيقنا الشهيد وعاش معه مدة طويلة..".

بيد أنه استدرك بالقول :

    " ..لكن الأستاذ أحمد قاسم دماج صديق أخي.. أخبرني أنه بعدما خرج "محمد " من سجن القلعة بصنعاء ظل مطارداً.. وعرف أنه مطلوباً للأمن في صنعاء من جديد..فهرب إلى النقيلين قرية الأستاذ دماج في لواء إب..أصدقاءه وأخوة الأستاذ أحمد قاسم قرروا تهريبه إلى عدن..وهناك نسق للقاء بمحمد صالح عولقي وزير خارجية جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وقتذاك لإقناعه بتعيينه في منصب دبلوماسي بالسويد موطن زوجته لأنه قدم إلى عدن من متاعب المطاردات والسجون ..ولهذا ركب مع الدبلوماسيين في تلك الطائرة المشؤومة التى راح ضحيتها أنبل الشخصيات الدبلوماسية والأدبية وبينهم بالطبع محمد رحمه الله ..وكان ما كان".
 
   وحين سألته عما إذا كان وأسرته يعرفون قبرا للشهيد محمد عبد الولي ؟

     رد الصديق عبد الفتاح بحسرة :
   " أأأه.. ياليت ..أخي محمد..لا قبر له لأنه توفى بين السماء والأرض..أقترحت عمل نصب تذكاري له لتخليده في القرية في الاعبوس ..وهذا الاقتراح جاء على إثر طلب زوجته عندما زارت اليمن مؤخراًً.. إذ قالت لنا : كنت أتمنى ان يكون لمحمد نصب تذكاري أستطيع زيارته ووضع باقة ورد عليه..؛ ولكن حدث أن اختلف القوم وفشل المقترح..للأسف ".
 
وماذا تقول عن حقوقه الفكرية ؟
  سألته..
فأجاب :
   " والله يا صديقي حقوق طبع أعماله سرقتها دار العودة في بيروت ..وسرقت دار الجمل في ألمانيا حقوق طبع رواية" صنعاء مدينة مفتوحة" رغم وجود عقد معها ..وطلبناها بإرسال حقوق الورثة لكنها لم تفعل ..وتعذر علينا رفع دعوى لأنها مكلفة..وأخيراً وتحت الحاح ومطالبة القراء والباحثين قمنا بطبع أعماله التي نفدت من المكتبات..فأضطرينا لطلب الهيئة العامة للكتاب بإعادة طباعتها كاملة مقابل الحصول على عدد من النسخ سلمت لأختي الكبرى المريضة للعلاج من ريعها."
  
  قلت له : وهل ثمة أعمال عثرتم عليها ولم تطبع ؟
    قال عبد الفتاح :" أعماله التي لم تطبع في السابق تم جمعها ( قصص قصيرة) وخرجت في مجموعة قصصية بعنوان (ريحانة) نشرتها الهيئة العامة للكتاب -بعد موته - وبذل الأستاذ محمد عبد الوكيل جازم الجهد الأكبر في جمعها..وبإمكانك ان تنظر مقدمة المجموعة بقلمه..وضمتها الأعمال الكاملة."

   وعدت..وسألت الصديق فتاح عن قصة طبع رواية "صنعاء مدينة مفتوحة" بلغة أجنبية العام الماضي ؟
فرد قائلا : هذا صحيح.. أعيد ترجمة الرواية إلى اللغة السويدية..وسارة محمد عبد الولي هي من أشرفت على الترجمة واعدت مقدمة لرواية والدها..وقد أخبرتني بأن الأودباء في السويد استقبلوا الرواية بشكل رائع جدا ..واحتفوا بها ..وكتبوا عنها بما يليق ".

   وفي ختام هذا الحديث الخاطف سألت الصديق عبدالفتاح عما يمكن قوله بحلول الذكرى ال 43 لاستشهاد شقيقه "محمد"؟
فرد باقتضاب :
" أقول في إختصار شديد أن محمداً ولد قبل زمانه". ً

             (6)                

  وأعود من جديد إلى قصة " لجوء " الأستاذ محمد عبدالولي إلى قرية "النقيلين ".. وفي هذا روى لي الصديق الدكتور عبد الكريم قاسم دماج(*) الذي عاش تفاصيل قدوم "محمد" إليهم  وكيفية تهريبه إلى عدن :
" حدث ذلك في إحدى أيام فبرير -مارس  1973عامذاك  كنت متواجداً في القرية..فوجئنا بوصول الأستاذ محمد عبد الولي إلينا قاصداً الأخ الأستاذ أحمد دماج..وذلك بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر ..شق "محمد" طريقه من "النجد الأحمر " في لواء إب -كما يسمى وقتذاك  - وكان يسأل من يصادفه في تلك الطريق : "أين منزل أحمد قاسم دماج " فيرد عليه بإشارة من يده " إنه هناك خلف ذاك الجبل... "..لم تكن في تلك الأيام وجود طريق للسيارات.. ولا هواتف كما هو الحال في زماننا هذا.. فقد قطع "محمد" نحو سبعة كيلو سيرا على الأقدام سالكا طريقاً وعرة ..جبال ومنحدرات ..صعود وهرولة إلى أن وصل مدرسة الثورة الإبتدائية  ..وسأل أول من التقاه ..أمين مانع دماج  (رحمه الله)  وكان مشرفاً على المدرسة بتكليف من قبل هيئة التعاون الأهلي ..فسأله عبدالولي عن منزل أحمد قاسم دماج..لم يكمل "محمد " السؤال ..فإذا بأمين يفاجئه..آكيد أنت "الكليس " - وهو الأسم الذي كانوا يطلقونه على الفقيد في سجن القلعة بصنعاء غرفة حاشد وأسهمت فترة سجن الفقيد بالكثير من قصصه - قال له محمد.. نعم ..نعم أنا بشحمه ولحمه كما ترى.. فعانقه وأسرع معا الخطى إلى بيت دماج."
     "... أمضى الأديب محمد عبدلولي في منزلنا نحو ستة أسابيع " - يضيف الدكتور عبد الكريم دماج - إلى أن يقول : " كان عبد الولي يجلس مع والدتى مطولاً بعد المقيل حيث يسمع منها عشرات القصص والحكايات عن الحياة الإجتماعية والإنسانية القاسية والمتخلفة ومعاناة الناس ..وفي القلب منهم النساء  أيام زمان ".

وماذا بعد ؟
سألته:
فرد الصديق الدكتور عبد الكريم دماج بقوله :

  " قرر الأديب الكبير محمد عبدالولي الرحيل إلى عدن متنكراً ..وحتى لا يقع في قبضة عناصر الأمن الوطني مرة ثانية.. حلقنا شعر رأسه زيرو يعني صلعة..وارتدى ملابس رعوي وتمنطق بالجنبية بحيث تغيرت هيئته تماماً..ثم قام بعض الإخوة والأصدقاء بأصطحابه بسيارة في الطريق  من إب إلى عدن ..لم أعد أتذكر أهي طريق الشريجة ..أم طريق المفاليس " .

   قلت له 'ما ذا كان شعور عبدالولي قبيل لحظات من مغادرته؟
قال الدكتور دماج : "  كان الفقيد المبدع والرائع محمد أحمد عبدالولي كإنسان فرحا وحزينا في نفس الوقت ..حزين في أن يترك جزءاً من وطنه ووأصدقائه وأهله في ظروف التشطير المعقدة والقاسية على النفس والجسد..إلى جزء آخر من الوطن اليمني فيه أصدقاء ورفاق وأعزاء له أيضاً مشتاق لرؤيتهم ..ومرتاح ليتخلص من كابوس المطارة والمعتقلات للمبدعين والوطنيين في صنعاء  ".

    قلت : ما الذي كان يشغل الفقيد أثناء مكوثه القصير في قرية النقيلين ؟
أجاب دماج قائلا ً: ما أتذكره جيداً أن الفقيد محمد كان في تلك الأيام  مسكونا بهموم وعذابات الوطن وماسي الشعب .. وأكثر قلقاً على مصير من تبقى من رفاقه خلف سجون سوداء في قلعة غشومة تناصب العداء والحقد لكل وطني شريف كرس جل حياته في نضاله من أجل خلاص وطنه وشعبه من نير الحكام المستبدين ..والتطلع لحلم الدولة المدنية الديمقراطية والعصرية ..وهو حلم الأديب العبقري محمد عبد الولي ومازال في صدارة أمال الشعب اليمني إلى اليوم" .

   وكيف كان وقع الخبر الفاجع بستشهاده ؟

  فيجيب دمج : طبعاً فجعنا جميعاً بذلك الخبر المشئوم الذي بثه راديو عدن وإذاعة لندن ..خيم الحزن والأسى بستشهاد ثلة كبيرة من الوزراء والدبلوماسيين والمثقفين المرموقين في مرحلة كان الوطن بأشد الحاجة اليهم ".

     وبعد أن يصمت الدكتور دماج برهة، وكأنه يستعيد صور المشهد الحزين في منزلهم في قرية النقيلين ..عاد ليقول لنا:" والدتي بكت عليه بحزن شديد ..أقامت له مأتما..حدثتتا عنه كما عرفته.. طيب القلب..حسه الفني مرهف ..إنسان عظيم ..استعادت حوارتها معه وأنه كان ينوي أن يكتب روايات وقصص جديدة.. لكن الغدر خطفه من بيننا وهو في ذروة تألقه رحمة ..الله تغشاه.
                                   (7)
ينتهي حديث الدكتور عبدالكريم دماج عن قصة عبد الولي في "النقيلين"..ليبقى باب الحديث عن المبدع محمد أحمد عبد الولي مفتوحاً ..وأكثر حضوراً  عند قراء الأدب والفكر والقصة والرواية والمشتغلين بالدراسات الأدبية...ولا تزال أعماله الإبداعية يبحث عنها القراء ..وما يطبع منها تلقي الرواج والذيوع ..لم لا ..فهو ملك الرواية اليمنية الذي لم يتوج ؛ فقد خطفه الموت باكراً فوق السحاب ؛ في لحظة غدر سياسي لم يكشف سرها حتى الآن..؛ لتبقى صورته حية في الذاكرة.
عبد الحليم سيف
                                                          -----------------------
(*) الحديث مع الدكتور عبد الكريم دماج جرى خلال لقائي به مساء الخميس 23 يونيو 2016 م،الموافق 18رمضان 1437هجرية، في منزل الصديق العزيز الدكتور عبد السلام أحمد عثمان بصنعاء..وبحضور الفنان الكبير أيوب طارش عبسي والمهندس جميل الرازحي والدكتور عبد الواحد العفوري والمهندس عبد الولي الحمادي والأستاذ عبد الواحد بدر .وآخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *