الاثنين، 16 ديسمبر 2019

البصيرة والأجل للاديب باسم قبيطر

البصيرةُ وَالأجَل ..

اللهم ارزقنا حُسنَ البصيرة وأَبعد عنّا العجبَ بأنفسنا واجعل لنا في قلوبنا بصرًا وفي عقولنا بصرًا وجنبنا الكِبْرَ، وَإِلّا فنهلك. ولا أدري بمَ نفتدي أو ماذا عسانا نقول لملك الموت وهو يلمحُنا على غفلةٍ من النفس، ثم يدنو ويسقينا من راحتيه ما لا ينفع بعده غَوًى ولا عجبٌ ولا تلبّسٌ لرداءِ غرور، فقد أذّن مؤذنُ الكفنِ وغرغرَتِ الروحُ وبلغَتِ الحلقومَ وأهلَّ الأجلُ لوقتِهِ فاتحًا ذراعيْ تختِه. وحينها لن ينفع قربانٌ ولا فداءٌ، فقد نُسِلَتْ نعمةُ الاعتذار والاستبراء من رجع الفتون ومذلّة الإستكبار، ولن يفوزَ إلا من أتى اللهَ بقلب سليمٍ، تائبًا ثائبًا مغسولَ الثوب من الأدران والخَبَث.
فبعد أن كنتَ يا ابنَ آدمَ المطارِدَ المستعلي تتوسّم الملذاتِ ارتقاءً في جسدك الفاني، تختال متنقلًا تَغْشَاك الغفلةُ، تعوم في قبرك الهائم نهرَ الإنحدار إلى آتٍ محتومٍ لا يجدي معه استدراكٌ ولا استبطاءٌ ولا نسبُ تباهٍ ولا انتسابٌ لماضٍ شامخٍ متوَقّد، فقد أزف الرحيلُ وآلَ وهمُ آلِك الى افتضاحٍ وزوالٍ، وأدركتَ أنه افتئاتٌ بافتئات، فسبحان من أعزَّ وأذلَّ وسبحان من أحيا وأمات..!!
فها بك اليوم يا ابن آدم قد صرت المطارَدَ والطريدةَ، مُسجًّى في محرابِ المماتِ وتيهِ الأجل ما لك منه فكاك، والمُقامُ لن يطيبَ إلا بما أسلفتَه تضرعًا وخشيةً، ومهّدتَهُ تقرّبًا وخيفةً، قبل أن تعبرَ كاملَ المدى، مجتازًا إلى مستقرِّكَ الهامدِ بلا إياب، ينتظرُك عملُكَ يرقبُ بعثَكَ وَالنشور، فقد أفضيتَ الى ما قدّمتَ وأدركَكَ هادمُ اللذات، وَرحتَ من دنيا الزينةِ إلى دار العظامِ والرفات، وَها قد مرّ الزمانُ على الفوات، واستيْقَنْتَ أنك أُلزِمتَ التواري، فَلَسْتَ بمُستأخرٍ لحظةً ولا مسترجعٍ هنيهةً وقد عزّ طوقُ النجاة، فماذا أَعدّ جَسَدُكَ الفاني لمستودعِك الفاني بلا فناء؟!!

باسم أحمد قبيطر - إسبانيا 🌴

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *