الاثنين، 11 مايو 2020

نشتاقك قبل الرحيل رمضان بقلم الاستاذ بسام قبيطر

نشتاقُ اليك قبل رحيلِكَ يا رمضان..!

رمضانُ هلّ علينا، فهلّلنا وتهلّلنا بتشريفِ أعزِّ ضيفٍ وأكرمِ وافد، وتلألأنا فرحًا وسرورًا، وامتلأنا بهجةً وحبورًا، بمقدمِ الفضيلة والغفران في جوانحِه، والبِشر والرحمة في نسماتِه؛ فرحنا للخير العميم يحمله في طيّاتِه وتزذانُ به أيامُه، لِعَبَقِ الإيمانِ فيّاحًا، يضوعُ في أركانه وجنباته؛ فقد أهلّ بنزول الوحي بالآيات المنجيات، تعلمنا الطاعات والطيّبات، وتلقّننا العبادات والصالحات، فتألّقتْ لياليه العظيمةُ وتهادتْ مكسوّةً ببردة الطاعة وجلباب الرضى، وأسفرت عن نورٍ وهّاجٍ أبلجَ جاهًا عزيزًا وفتحًا مبينًا غيّر وجه التاريخ، وجعل النفوس في كل ناحية مشرقةً ساطعةً، روى عطشها، وَوسّع لها بحبوحةَ الأمل، ومدّ لها بساطَ الوصل، وستر ما انكشف من عورات وسوء، آنسها وبدد وحشتها وكشف عنها حجب الغفلة في مدارات الحياة، ترتقي مدارج الهداية مع كل آية وتسبيحة، تجوب طرقات الأجر وترسم في سمائها حبكَها، عملًا متقنًا صادقًا تتلمّس فيه تقى الرحمن، وعبادةً صالحةً تتبيّن فيها الخيط الأبيض من الخيط الأسود من البرِّ والإيمان، وتتوخى ما وسِعها أسباب الهدايةِ وسُبُل النجاة، في همة عالية وعزيمة ماضية وسريرة صافية، تُرضي عنهمُ الديان الحنان المنان؛ فَيا أهلًا وَيا سهلًا به من شهر كريمٍ ومرحبًا، فقد بُسط الخيرُ وعظم الأجرُ وتدفّق البرّ، فأنعِم بعطائه الجمّ وأكرِم بجوده الوافر ! أما تجلّى مولانا جل وعلا برضوانه وعفوه على كلّ عبدٍ رفع أكفّ الضراعة ابتغاء وجه ربّه الكريم، يسأل حاجته ولو بدقِّ السؤال، يطلب العفو والعافية والمغفرة والهدى والعفاف والتقى، فتلحقه بركة الذكر أو بركة صُحبة الذاكرين حتى من غير نيّةِ مشاركةٍ منه، فهمُ القومُ لا يشقى بهم جليسُهم. لكن، علامَ العجلةُ يغُذّ الخطى في المسيرِ، وكأنه يؤْذنُ بالرحيل وقد جاوز الانتصاف؛ فهل انتصفنا لأنفسنا وأحسنّا الأداء وعبدنا وأطعنا كما وعدْنا؟! وهل استوفينا لأعمارنا كما استوفت ليلةُ نصفهِ، فاكتمل قمرُها، وازداد هيبةً وجمالًا وَتَتامَّ وقارُه بدرًا بهِيَّ الحسنِ منيرا..؟!
كبدي عليك حرّى يا رمضان، ولهفي على أيامك ولياليك لا أحسن له وصفا؛ فهل ستشهد لنا ثوانيك التي باتت تسابق دقائقها يا رمضان؟! وكأنك لحظةٌ تنقضي في طرفة عين ولست شهرًا كبقية الشهور أيها الضيف المضيف الكريم، إذ لم يكد يهلّ هلالك حتى آذنت بالانصراف مودّعًا ولم تزل القلوبُ معلقةً بك لهفى إلى نورك وظمآى إلى تباشيرك وهديك؛ أليست فيك ليلة القرآن؟! أليست فيك أَنْوار الحقّ يشقّ بها جبريل دَرَجَ الليل بضمّة "عَلَّمَه البيان"؟!
أليست فيك الليلةُ؟!:
"سلامٌ هيَ" حتى مطلع الفجر
أليست فيك اللّيلةُ؟!:
"خيرٌ من ألف شهر"
"تنزّل الملائكة وَالرّوح فيها بإذن ربهم من كل أمر".
فانتصِف لنا يا رمضان، واستغفر لنا يا رمضان، وَادْعُ لنا يا حبيبُ دعاءَ حبيب، أدعُ لنا أن يسوقَنا قدرُنا الى باب سعدِنا، فندركَ ليلتك المباركة بقلوب نقية بعُدت عن الغِلِّ ومتنازعات البشر وهمزات الشياطين، ونشهدَها بجوارح وأفئدة لا شيةَ فيها ولا عوَج، خالصةً من كلّ أَمتٍ وشك؛ نحييها فتحيينا، ونعلو بها قدرًا، ونزكو بها نفسًا ونسمق بها جبينًا، فنعود من ليلتنا كيوم ولدتنا أمهاتنا، تصافحنا الملائكة في الطرق يوم فِطرنا، فنلهج بلسان الشاكر الحامد إحسانَ ربه وَجود مولاه: اللهم آمين .. اللهم استجِب .. اللهم آمين .. اللهم استجِب .. اللهم آمين .. اللهم استجِب .. والله جلّ وعزّ وعلا بالإجابة جدير.

باسم أحمد قبيطر - إسبانيا 🌴

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *