مشاركة في برنامج ترجمان الصورة
🌍 *البستان كبيروالعالم بعدالته صغير* 🕯️
--------------------------------
🖋️ *_بــــقلم :عفاف البعــداني_*
شجرة أحلام مخضرة ،تبيت بيد طفل البارود ،قطفها هذا اليوم من قبر أمه النائمة،مؤمنًا بأن يلتقي بها في عالم الرؤى،بعد ثلاثة أعوام ، تعب الطفل من وقع الحروب ، وارتمى إلى سبات رحيمي، مكلل بفقدان الوعي الكامل،رأى أمه الراحلة ،وعاد إلى حرب الالفينية، وبدأ يخاطبها ويندب الحرب بقوله: المعزول في كتابه المهجور ،
وأصبحنا ياأمي بعدك في هذا المكان، وحيدين كالقمر ،الذي لم يكن بجانبه أخٌ، أو صديق، قريب أو شفيق، كتاب، أو مجلة ،حوار أوحتى مظلة.
ياأمي من هنا وهناك إلتفت عروش الحروب تشاغبنا،تعاركنا،وبالشتات تفتينا، تبلدت مشاعرنا وجفت من حرارة الخذلان ،وأصبحت شجرة سم في قلب بستان.
ياأمي: … تغيرت مدائننا ،شوراعنا ،حواجزنا،وأصبحت معتقلة تحت جناح اللون العتيم ،أصبح المرض والجوع يترأقص عمره فينا يحسبنا كهولاً يرمي أوجاعه فينا،يحسبناحديدًامن التحمل والثقلان يحسبناجبال من الجليد ويرمينا بأكوام من البركان .
ونحن مازلنا صغار ياأمي كماتركتيناوعمر الصبامازال يحوينا، وبيتنا الصغيرماعاديأوينا، تقادمت حيطانه، تشققت جدارنه وبقيت صورتك هي متنفس ذاك البيت المحزون،من هذا وذاك أصبحنا لانطيق شيء حتى تلك الورود الجملية لم تعد بمقدورها أن تسكت حنينا إلى الراحة والأمان .
حتى ذاك الخيال الذي كنا نهرب إليه يأمي كلما أوجعنا هروب القطار لم يعد كافي؛ لأن نصبر ونكمل المشوار، ففي لحظة الحرب والفقدان، عشقنا الصبر يأمي وصادقنا زوابع الفنجان .
كانت شجرة الوطن ياأمي ،أكثر لطف ممن صادقنا وأحن ممن حادثنا ؛نعم لأنهالم تتخلى عن طيورها وعن ظلالها رغم قساوة حطابها،أتعرفي لماذايامي؟؟ﻷنهاكانت مثلك صابرة قوية وأصبحت هي أُمنا بعيدًاعن عنايات البشر.
شاهدت الحلم،وسمعت حديثهم بالكامل، و لم أقوى على إيقاظهم من حضن أمهم النائمة، وتسمرت حينها بلا حراك فلم يعد لي مكان أو أرض حتى أخبأ دموعي المسكوبة ،حتى أرتب مشاعري المبحوحة ،حتى أدّون تلك الرواية المثقوبة، ضاعت تراتيل البدايات ونسيت أني معلمة الردود والحوارات، ماعدت أدري!! أين أنا وأين بداهتي وفصاحتي،أمام تلك الطفولة،ماعدت أدري !!مامحوري في تلك الأحلام ، شاب خاطري وتكهل خافقي وكأني لست من العشرينات ،ماعدت أدري كيف أنهي المشوار! كيف أسقي نهرصغير شردت معلامه القيعان .
رحلتُ من مكانه وتركت له سطوري التي استقيتها من خلجات فلسطين الصابرة ، وقلت: قم ياصغير العمر وكن مثلي ،خبأ شعورك وحنينك وطفولتك تحت شجر الزيتون، وكن كطفل الحجارة، ثائرًا حرًا بوجه كل مستعمر وغارة، ولاتأمن شعوبنا المحتارة، ولنخفي غياب الراحلين في السرداب، فأنا معك مقاومة ثائرة أعشق ريح البارود المرتفع من أماكن المعتدين،وأهوى حياة واحدة /هي حياة الشهداء الصالحين، فالبستان كمانظنه كبير، ولكن العالم بعدالته ياطفلي صغير فلتقم ولنتجهز بالرحيل .
------------------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب