الاثنين، 6 يوليو 2020

مشاركة بقلم عبدالله

نركض إلى الميلاد قرناً وليلة كما قال البردوني، نولد فيكون المهد لنا قبراً مفتوحا منذ البداية،
نتمرغ في الظلام منذ نشوب أظافرنا ،نُقلب أيادينا في النهار الأول ،نستفيق على الجرح في ضفافِ الغياب،نحيا على قيد اللحظة مرتبكين، نُحبُ على بُعد المسافات خائفين،نطارد الأشباح من جزيرتنا،نعيش بالبركة في بلادنا المتهالكة، نموت ببطئ كل يوم في ظروفنا الغامضة،نتعود على حياة لا تقبل النكوص حياة إقتصادية مكثفة محاطة بالقلق من كل جانب لا فرق فيها بين مراحل أعمارنا ولا شفقة، لا فرق فيها بين طفولة ولا مراهقة ولا شباب ولا شيب،.نقضيها جيلاً بعد جيل مكاوشة بين فاجعة وأخرى، ننطفئ تدريجياً قبل إنتهاء كل مرحلة، نشيب قبل الآوان،ننشغل بالتفاهة والحماقة التي تجعل منا كائنات عشوائية لا تدرك حقيقتها القبيحة، نهتم بالعادات ، نحترق بالحروب وبالخلافات، نغيب عن المسؤولية في ظل غياب الأمن والدولة والرعاية الإجتماعية، نعتمد على دخلنا اليومي بعد الله عز وجل في ظل تدهور الإقتصاد ،وتكرر المعاناة ،وتواصل الآلام ،وتفشي الجهل،وإنعدام الرواتب والفرص الوظيفية.
نذهب يومياً إلى أعمالنا الشاقة وإلى مختلف الأسواق،نصحى مع بزوغ الشمس،نبحث عن أمل جديد ونعود عند الغروب منهكين، نسعى لتوفير تلك المبالغ  البسيطة التي تسمح لنا بمواصلة العيش والزواج والحصول على أولاد نرعاهم حتى يكبروا ليعيشوا معنا ذات البؤس .
نمارس حياتنا المجنونة كأن شيئاً لم يكن. نزدحم في الأسواق والمساجد والشوارع ، نغسل وجوهنا بالعذابات الباردة ،نعقم أيامنا المقهورة بالحنين، نمرر أصابعنا على ملامحنا فلا نكاد نعرفنا، نتخيل صور أماكننا القديمة فتنتشي ملئ أرواحنا رعشة البكاء..نتقطع أجزاء وأجزاء.
نرتدي أحلامنا الوردية،كفوفنا المقطوعة، نتسبب في حدوث الكوارث والثورات التي لا تكتمل،نكتفي بهذا القدر من المصائب،نبتلع المآسي، نُنهك من صراختنا الطويلة ورجاءاتنا المستمرة ولا أحد يهتم بأمرنا أبدا،..
نلعن كورونا الذي بات يهدد حياتنا هو الآخر
إن لم نقاومه و نتجنبه..نشتمه ليل نهار كلما هجم علينا مباشرة دون أدب وإستئذان
كلما إرتفعت أعداد المصابين به،كلما زادت الخطورة،نترجاه ألا يفعل بنا كما فعل مع دول كبرى تملك من المال والرعاية الصحية ما تملك مقارنة بوضع بلادنا المأساوي التي لا تملك في الجانب الصحي الحد الأدنى من الإمكانيات..
نعرف ولا نعرف بالضبط كيف ينبغي لنا مواجهة الفيروس هكذا بكل سهولة ..نلتزم بإجرآءت الوقاية إفتراضاً فقط ولا نملك قيمة شراء المعقمات..ننصح الجميع  بأخذ الحيطة والحذر وننسى أنفسنا ولا أحد منا في الحقيقة يحرص كل الحرص أو يهتم كل الإهتمام أو يعرف حتى كيف ينبغي لنا ک شعب مظلوم أرهقته الحرب والبطالة أن نقيم في الحجر الصحي لمدة أربع وعشرين ساعة، ليوم ..ليومين او لمزيد من الأيام.
نختزن مؤونة كافية من الأمراض والفيروسات والقلق والحرب والحكومة والرئيس وغلاء الأسعار، في نفس الوقت نفتقد إلى الأموال والحاجات والمتطلبات الضرورية،و لا يوجد في الأساس من سيجبرنا على البقاء والحجر ولا من سيخدم متطلباتنا إلى بيوتنا، كي لا نلقَ أعذاراً للخروج وكي نبقى في بيوتنا لفترة زمنية ونلتزم بالوقاية دون أن تجبرنا الحاجة إلى الخروج للبحث عنها في الخارج.

نطرق أبواب الموت بأنفسنا بدلاً من أن يطرق هو أبوابنا،نكسرها، ندكها دكا نهجم على الموت في مقر إقامته قبل أن يهجم علينا،نتسلل قبل ذلك،نُحضِر سنواتنا وخيباتنا وأوجاعنا معنا،
نجد الموت وهو نائماً في سريره،ننقض عليه قبل أن يكتشف أمرنا ..نرميه بآلاف الشتائم قبل أن يتكلم شيئا،لا ندعه يتكلم بشيء، نخنقه بدخان همومنا،نحرقه بحرارة تناهيدنا،نمسكه من أطرافه ،نجره جرا،نضربه ضربة رجل واحد، نقطع أذنه وأنفه بزرادية،نبتر رجليه بسكينة حادة،نهشم رأسه بمطرقة،نصفعه سبعون ألف مرة،ندعه يبكي وحيداً في الزاوية، ثم نعود لنتعارك معه رأساً برأس ..نلدغه ويلدغنا.. نردعه ويردعنا..نتصالح معه على حسب الحالة النفسية التي نمر بها،أحياناً نضحك معاً بألم على بعض ههاهاها، نندع الضحكات الساخرة..نصمت..
وأحياناً .نرفض..نبعث فينا السكون.نفتح أذرعنا الكبيرة لمعانقته...نكتفي..ونبدأ صراخا هستيريا بلا توقف.

عبدالله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *