مقتطفات بقلم سلطان البركاني

تابــــــع...
               (#الغــــــائب_..)
            قصــــة من الواقـــــع

         للدكتور: إسماعيل محمد النجار
               7 يونيو 2017م
                                     الحلقة: (6)
︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾

ولاختلاط أبنائه مع ضيوفه في مقر الإقامة، وفي جميع مناسك الحج الأثر الكبير للتعرف على أحوالهم خلال الفترة السابقة عن قرب، وحرص الفنصوري على الجلوس لفترة طويلة معهم في خيمة الاستقبال الخاصة بهم، وتناول الطعام والشراب دون وجود غرباء، ما عدا من قاموا بالخدمات، وحرص على الإقتراب منهم وسماعهم، وعدم التحدث بالعربية، ليتحدث بلغة الملايو، ويقوم أولاده أو حكيم شمس الدين بالترجمة، حتى لا يتعرفوا على شخصيته من خلال صوته المميز، وترك لأولاده وزوجاته الحديث معهم، ليحملق إخوانه وأخواته وأعمامه عليه، ولا يشبعون من رؤيته، وكأنه شخص معروف ومحبب إليهم من قديم الزمان، بل ويتحدثون أنه الخالق الناطق لأخيهم محمد رسول، لولا أنه لا يتحدث العربية، ورأوا فيه الرجل المؤمن والعظيم لقربه من رسول الله، وتحدثوا لأولاده وزوجاته أنه يشبه أخوهم الغائب محمد رسول.

وبعد أن استكملوا شعائر الحج في مكة المكرمة انتقلوا للمدينة المنورة، وهناك تم إعداد نفس الخيام السابقة في مكة، ليتقدمهم موكب حمزة الفنصوري مع زوجاته وأولاده ومرافقيه، وعند وصولهم أقيمت لهم مراسم الإستقبال باحتفالات من الأناشيد الدينية وتغريدات المستقبلين، ليقوموا بطقوس زيارة المسجد النبوي الشريف وقبر الرسول والصحابة، وعند انتهاء مناسك الزيارة جعل أولاده وبناته يرافقونهم للتسوق بأضخم أسواق المدينة، ويشترون لهم النفائس من الذهب والعطور والأقمشة.

وعند انتهاء فترة بقائهم أقام حمزة الفنصوري حفل وداع، ألقي عليهم نظرة الوداع، وأعطاهم مبالغ مالية كبيرة، ولم يتحمل لحظة الوداع، ليعود سريعا لخيمته الخاصة، وهناك تسكب دموع الفرح برؤيتهم والحزن على وداعهم، وأخبروهم أن الفنصوري قرر أن يحجوا كل سنة على حسابه الشخصي، حسب وصية رسول الله في المنام، وحصل منهم على وعد بالحج كل سنة، وعند عودتهم لحضرموت ظلوا محتارين لحفاوة الإستقبال، وحصولهم على الكثير من الهدايا والمال، وتحمل تكلفة إقامتهم وحجهم، وكلما تناقشوا اتفقوا على أن حمزة الفنصوري شخص مؤمن تأتيه رؤية رسول الله في المنام لينفذها، وظل الجميع، وعلى الأخص إخوانه في شك أن حمزة الفنصوري الخالق الناطق لأخيهم محمد رسول، إن لم يكن هو.

وعند وصولهم للمكلا بسفينة شراعية خاصة، أقيمت لهم مراسيم استقبال من أهاليهم، ووزعوا عليهم هدايا الحج من مسابح وكوافي، وظلوا يتحدثون للناس عن حمزة الفنصوري ووصية رسول الله بشأنهم.

وعند عودة حمزة الفنصوري وعائلته وأتباعه، غمرته السعادة لرؤية أهله، ليضحك ويمازح زوجاته وأولاده وأتباعه، وفجأة التفت لحكيم شمس الدين وسأله: عذرا أخي العزيز، لقد نسينا أن لك أهلا، ولم نفكر في موضوعك إلا بعد رؤية أهلي، ماذا تريد أن اقدم لك في هذا الموضوع؟! رد حكيم شمس الدين: لا تهتم كثيراً، فموضوعي مختلف عنك، أهلي تركوني وفرحوا بغيابي، وأخذوا حصتي من التركة، لذا لا يستحقوا الذكر أو الاهتمام، وسيكون وجودي أو ظهوري مزعج لهم. ليضحك الفنصوري قائلا: الله يهديهم لسواء السبيل.

وتدريجيا بدأ الفنصوري تولية أبنائه وأتباعه شئون الطائفة الرسولية الفنصورية وأملاكه، وعكف على تأليف المزيد من الكتب الدينية والأدبية والشعرية، لتزيد مجموع مؤلفاته عن خمسين كتابا، لتشكل مرجعية للطائفة الرسولية الفنصورية، وتنهل منها الطوائف الصوفية الأخرى، بما يتوافق مع منهجها.

وانشغل وتأخر حمزة الفنصوري عن دعوة أهله ثلاث سنوات، ليبعث حكيم شمس الدين وولده عبد الله لحضرموت، وقاما بزيارة الأسرة في وسط عامر بالفرح لتباشير تأديتهم مناسك الحج مرة أخرى، ونيل الهدايا والمال، وزار عبد الله أعمامه وعماته في منازلهم حسب وصية والده، وعندما دخل دار جده رأى العديد من صور محمد رسول (والده) معلقة في غرفة جده حسب وصيته، ودخل الشك عقله أن الدار لجده الذي ولد وتربى فيه والده، وقام بزيارة المدارس الفقهية في المدينة، واستمع لشرح العلماء القائمين عليها، ليستنتج أن والده تعلم فيها أصول الدين، وحرص أن يرى ملابس محمد رسول وكتابته على الأوراق، ليتأكد بما لا يدع الشك أنها ملابس وخط والده.

                                 يتبــــع...
            ┄┉❈❖❀✺❀❖❈┉┄
                    من مختارات:
              سلطان نعمان البركاني