|هكذا كنا، وهكذا أصبحنا.
حرف/وفاء_الحيقي.
*---------------------------*
هكذا كُنا!
نعطي الأشياء أكثر ممّا تستحق، ونعطي الأشخاص قدرًا من الحبّ أكبر من قدرِهم، حتى تعاظموا علينا، وتغطرسوا، حتى صنعنا لهم أجنحة من الكبرياء، يكبر كلما أزددنا لهم حبًا، كلما قطعنا ألآف من الأميال لوصالهم رغم انقطاعهم المستمر عنا!
أغدقناهم بالكلمات المديحية، وعلى أكفهم وضعنا ثقتنا الكاملة، وحول أعناقهم طوقنا أحلامنا ظنًا منا أنهم سيحافظون عليها… أليسو هم الأحباب؟!
وكم خابت ظنوننا، وانكسرت ثقتنا؛ فدارت الحياة لنا ظهرها بضحكة ساخرة، واستدار نور القمر ليلًا عن نافذة قلوبنا؛ لطالما نصحنا حتى غادرنا بعد أن غُدِرنا؛ فما عادت رسائلنا المحملة بالودّ تنفع، ولا عبق زهورنا إعادته!
هكذا خُذِلنا!
وهكذا خَذلنا حتى ضوء القمر! ازداد الليل قساوة، كأنه هو الآخر يريد أن يثأر منا دون سبب! يريد أن يطعن قلوبنا أكثر، أو لربما طمع بدماء قلوبنا ليسقِ زهور العاشقين ليلًا، ويروي ظمأ من لم يشربوا من بحار الحبّ (أيًا كان نوعه).
هكذا هجرنا!
لأننا كنا أكثر صدقًا، وأحنّ أفئدةً.
لأننا ماعرفنا لِلزيف طريق، ولم نرتدي يومًا أقنعة الخداع، لم نجرح قلبًا، ولم نخدش يدًا، لم نستنزف مشاعر أحد، ولم نسرق سعادة مخلوق! لم نأخذ شيئًا ماكان لنا، ولم نشرب حبر قلم "أحدهم".
لأننا حقيقيون جدًا، نرتدي ثياب الوفاء بفخر، ونعطي بسخاء، ونمنح دون منّ.
هكذا أتتنا الطعنات من الخلف، أو لعلها من الأمام، ولفرط ثقتنا عُميت أبصارنا فما رأينا قاتلنا إلا بعد فوات الأوآن!
هكذا تعلمنا!
لم نلتحق بدورات تعليمة لكيفية قتل أحدهم، ولدراسة الخيبة بكل دقة، لم نتخرج من جامعة داء الأحبة، قسم "تشريح القلوب".
لم نحضر ندوات لممارسة رياضة "كسر القلوب".
لن نقول نحن بريئون حد الطفولة، بل سنقول نحن حمقا حد الوصف بما لا يمكن وصفه!.
وهكذا تداوينا، وخرجنا للعالم بكامل قوانا القلبية، واستقمنا، وخطونا نحو أحلامنا؛ ثم تناسينا، وأغلقنا أبواب الماضي؛ أخذنا على عاتقنا عهدًا ألا نكون كما كنا وقطعنا الألف ميل لتغيير أنفسنا كما قطعنا سابقًا لوصلهم، منحنا أنفسنا السبعين فرصة للننجو من السبعين عذرًا، ونكون لله أولًا ثم لأنفسنا، وأنفسنا.
هكذا كنا…. وهكذا أصبحنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب