الأربعاء، 27 نوفمبر 2019

عبدالله الديفي يكتب مقاله بعنوان التعليم في اليمن

*إلى أين يسير التعليم في اليمن؟!*

             أ/ عبدالله الديفي

كمعلم  وكمعلم رياضيات أود أن أبدي رأيي في قضية معينة، وهي الاختبارات، ومن خلال ماأرى من أسئلة اختبارات أمامي في جميع المواد وبشكل
متكرر، من حيث نوعيتها وأسلوبها وجدواها، فأقول بأن أكثر الأسئلة لاتقيس مستوى، ولاينطبق عليها شروط السؤال الناجح، بل إن بعضها لاينطبق عليها بأن تكون سؤالاً أصلاً! وبالتالي تكون نسبة الصدق فيها صفراً، فإضافة إلى كون الاختبارات أصبحت تأخذ غالباً طابعاً واحداًً وهي الاختبارات الموضوعية، والتي تكون أسئلة صح أو خطأ، واختيار من بين  الأقواس، وإكمال الفراغات، والتي تكون بجمل قصيرة جداً، أو لايتعدى الفراغ الواحد كلمة أو كلمتين، وغالباً مايأتي السؤال موحياً بالإجابة !!
لكن أيضاً هناك مايدعو للغرابة بالفعل ويدل دلالة واضحة على الإهمال من قبل واضعي الأسئلة، في أسئلة تحوي إجابتها داخل السؤال ولكن مطلوب من الطالب اختيار الصحيح منها، وتوضع بطريقة تنم عن إهمال كبير، سأضرب مثالاً للتوضيح،
قد يضع المعلم سؤالاً : صل  من العمود  أ بما يناسبه من العمود  ب ، فيذكر كل عبارة أو جملة في العمود  بمالايدع مجالاً للشك بتبعية كل عبارة في العمود بالعبارة المقابلة  في العمود الآخر ذات العلاقة ، حينها لن تكون معلومات الطالب أو مستواه أو مقرره والسلوك الذي بنبغي تحقيقه فيه  هي من يجعل الطالب يحقق هذا الربط، بل صيغة العبارة نفسها في كل من العمودين أ، ب ، كأن يأتي في العمود أ عبارة تشير لمَلِك من الملوك مثلا ولكن في العمود ب  مكتوب اسم شخص واحد فقط،  ولا يوجد غيره في صف آخر  من صفوف العمود ب! مما يدل أنه هو التابع للعبارة  التي ذكر فيها اسم الملك في أ !!! بل وتجد أن لفظ الملك فلان  مكتوب ومكتوب لمرة واحدة فقط في ب !!
أو تأتي عبارة في العمود أ تحوي اسم بلد، ومطلوب من الطالب اختيار  اسم تلك البلد من العمود ب، ولكن حين تنظر للعمود  ب،  ترى فيه اسم بلد واحد فقط، ولاأكثر  !!!
وهكذا تقدم كل العبارات في السؤال  !!! فبالله عليكم هل هذا يعد سؤالاً !!!
أين هو مجال التفكير الذي سيفرض على الطالب في هذه الحالة وسيعصف بتفكيره وسيحث كل قواه العقلية ومكامن تفكيره وسيستدعي كل معلوماته وخبراته السابقة، وقد ارتبط اسم الملك باسم الملك أو شخص وارتبط اسم البلد بالبلد وارتبط اسم البحر بالبحر والمضيق بالمضيق دون أي لبس ؟!!!
أنا لاأدعو لتصعيب الاختبارات  بعد أن أصبحت الأسئلة كلها موضوعية ولاأقصد هذا، ولكن  أشير لتلك الاختبارات التي لاتحقق أي هدف ولاتقيس مستوى، إضافة إلى كونها ركيكة لدرجة الفضيحة، وأن تكون مداعاة للسخرية والضحك والاستغراب والتحسر على هذا الواقع المؤسف، ولكن ياريت أن هذا يحصل ، فهو لايحصل كون معظم الناس - سواء أكانوا زملاء أو مدراء أو موجهين أو إداريين أو أولياء أمور - لايركزون على هذه الأخطاء التي ترقى لدرجة  الفضيحة، إضافة إلى كون ثقافة المجتمع لها دورها في هذه القضايا إن كانت حاضرة أو مغيبة، ولا يذهب بال الناس إلى هذه الهفوات الكبيرة، ولذلك يستمر الحال كما هو عليه دون حسيب أو رقيب، ودون أدنى خجل من قبل واضعي الأسئلة، ولذا قد يجد المعلم الصادق مشكلة عند تلقي أوراق الإجابة، فيجد المستوى المتدني للطلاب، لاسيما إذاكان يدرِّس مادة علمية كالرياضيات مثلاً ويضع أسئلة متنوعة ومتدرجة، وهادفة، و تقيس مستوى، وتتطلب من الطالب تطبيق مادرسه بشكل سليم ومباشر وغير مغالط فيه، كالمغالطة التي أشرت إليها في هذه الرسالة، فالعملية تكاملية، ومترابطة ويدخل فيها المستوى الثقافي للمجتمع ذاته واهتمامه بتعليم أبنائه، بطرق سليمة ووفق مناهج وطرق التعليم الموصى بها، والتي من أهمها تلك الطرق التي تجعل من الطالب هو الباحث وهو المستكشف وهو المبادر وهو المبتكر، وهو من يعلم نفسه بنفسه، وبالتالي  يكون دوره هنا إيجابيا.
 
الطالب في فصل دراسي وأي مرحلة دراسية لابد وأن يتلقى تعليمه بالشكل المطلوب، بما يحقق الأهداف التي ينبغي تحقيقها فيه في فصله ومرحلته، وهذا الأمر يحتاج إلى وضع السؤال الناجح الذي يحقق هذا الأمر، بعيداً عن التعقيد والصعوبة، ولكن أيضا بعيداً عن  الاستهتار والإهمال والمغالطة وضياع الأهداف، بحيث يؤهل الطالب تأهيلاً علمياً سليماً للمراحل الآتية، ولما يجعله قادراً على مواجهة كل التحديات المستقبلية.

ولذا أدعو المعنيين والمعلمين والمختصين وأولياء الأمور إلى الاهتمام بهذه القضايا والاطلاع  على الاختبارات والتمعن فيها، ومحاسبة المقصرين، حتى نقدم لابنائنا الطالب ما ينفعهم ويؤهلهم للمستقبل المنشود، وكأمانة تقع على عاتقنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *