الأحد، 3 نوفمبر 2019

تمثالاً من الطين اللازب ..للمبدع أ/ عبدالله محمد الصنوي

أنا لستُ إلا تمثالاً من الطين اللازب وبعض من الماء الراكد صنعتني أمي ذات يوم في القرية الخالدة خارج الحقل تماماً فوق طرحها العظيم هناك وقيدتني بمواصفاتها المحكمة..
لطالما حاولت التمرد وقت فعلتها لكنني بت راضياً بالشئ إنسان على هيئة تمثال وأحجار هشة

تحكني أسمالي القديمة إلى التراب ووجه حبيبتي الأرض وأنفي الهاطلة المدببة لأمدد أنامل قلبي على قصاصة الأوراق ومن محبرة دمي لأكتب..ثم لأعود إلى هيئتي دون دراية أو أن يلحظني أحد في المكان الخفي...

كل ليلة أقوم بعملي الخاص والحديث وبمهامي الجديرة.. أنفضُ للتو إلى الفضاء كمية كبيرة للغاية من اليأس والأمل والرسالات المكتنزة في لحافات الضلوع وجيوبِ قلبي المثقوبة عادة..ًدون نفاد الأعداد منها أبداً...
المفردات المنتهية تستفزني واللغات النائية تنشطر من شفاهي الصامتة والكثير ..الكثير من الشتائم المحفوظة لديَّ وبعضُ من الكلمات الرديئة المتداولة بين الناس هنا..حبة..حبة ألتقطها عادة قبل وصولها القاع في الأسفل في عملية إعادة التدوير والمحافظة على أجزاء منها.. أعمل على ألا يتطايرن إلى البعيد..وألملمُ أطرافها بلطف وتمهل ک ما لو كانت خَرزُ مسبحة أمي القديسة المتناثرة في أرجاء الزوايا وجوانب الغرفة في البيت الممتلئة بالأوتار وبالخيوط القديمة المشبوكة ک أعياد الميلاد المنسية في الركن القريب..

بيتنا المجيد..العظيم الخالص أرى انه يمجدني ويجاملني تارة لاصبح بذالك كاهناً وشاعراً وليكون حافزاً معنوياً لي وقوياً لأصير...متفرد المنافذ وأسلك مسلك الخاطئون الذين يجتبون أهدافهم والمآرب بشتى النجاحات..
لأصبح رجلاً يجلبُ القصائد ويصطاد الصبايا الجميلات سواء في المدينة أو في القرية لا فرق ويقتنص من خجلهنَّ التغنجي في الغزل بلاغته السامية وألفاظه المسالمات ويحكمُ إغلاق أطراف جراءته أحياناً..
في خصوصيات ذالك يحتفظ بالمفتاح وبكلمة السر في صندوق صدره العميق للغاية ويغلف عليه السلاسل والأغلال والأقفال الكثيرة والصور لإمراة عفوية كانت ولا تزال حبيبته الراهنة..

وبما أنني أقف ملهوفاً وشاهقاً شد إنتباهي الهجس لأعتني بقدر إستطاعتي بهذه الخزائن وأذعن ان لا أحد يقترب من أوكارها فسيمسه الشيطان باللغوب..أو لا أحد بإمكانه أن يحمل الثقل عني أو أن نتبادل الأدوار للبتة..لا أثق بأي واحد قط...سوى أمي

أفعل ذالك إستناداً وإستمهاداً مني لمرحلتي المقبلة الآتية ک الموت القادم من الشرق ولمفاجئاتيَّ المؤقوتة سأفجرها في الشارع العام حيث المارة والسيارات وسيعلو صوت إسمي في صدئ كل الشاشات وفي مختلف المواقع التواصل الإجتماعية..
من أطراف الشمال سآتي بجماعة متطرفة وسأقوم بحملة إعتقالات لبعض من مجاميع السفلة الماردون..سأغفو من جديد على بناء مشاريع غير جيدة فيما قد تصبو على مجتمع قد إعتاد على إعاقته وسذاجته في نفس الوقت..

لستُ سيئاً أبداً ولا وقحاً لأظل هكذا أحمقاً ولن أراهن على شئ في الوصول إلى مبتغاي..

فقط كي لا أبدو متخوفاً أطلب من الرب الشجاعة كي أحتمل كي لا تبدو ثقيلة بالمرة عليَّ تلك الكلمات وأرداف اللغة لأقوم برصفها الجيد الآن بعضها فوق بعض..
حتى وإن بدت عليَّ غير لائقة حمولة الأطنان سأخفي التعب من ملامحي عن وجه أمي عندما أعود إلى القرية البعيدة حينها وقد صرت مجرماً للغاية ومندوباً للنوايا السيئة..

كي أصعد إلى سلالم الإنسانية دون أن تنزلق مني أي واحدة منهنَّ..أتعملق شيئاً فشيئاً وأعرف كيف أمسك بأطراف الحبال وبزمام الأمور وعدم الإفلات بموقف صعيب كهذا قد يتسبب في إلى الخسائر الفادحة..

فور وصولي إلى منصة المنضومة تدريجياً والأكثر طمأنينة سأعيد ترتيب إبتساماتي الكاذبة..رغم ألا أثر لاحد هناك ليستنظرني
أومن قد يصفق بحرارة لي عندما أنتهي من رمي كلماتي المتملقة على وجوههم ..لا أحد حاضر المقاعد الأولية من السكان يعتليها الظلال والأخيرة باهتة..لا اضواء ليتبين لي الأمر ويأتي الغائبون..

لشئ في نفسي سأنفضُ غبار آخر نص كحلي تماماً ک أنفاس البلاد والعباد..كونني صرت شاعراً متأرجح سأتقيئ تحركاته المشتبهه ک شريد مطارد بين أحياء المدينة..سأبديه عارياً غير موزون بلا حرف للجر ولا للعلة ولا للنحو ولا للسكون حتى كي تتفهمهُ حبيبتي عندما تقرأه صدفة في الأيام المقبلة..

سيكون نص سوداوي للغاية لطالما كان عالق هنالك في سويداء القلب بالطبع لن يعكسُ حال حرب ومدينة ومضطهدين وساسة حُمق بل سيعكسُ حال نفوس ضاقت..وضاقت لطالما.تهادت ک االعذابات..
وحتى صارت بحجم خاتم واسع ک خصر إمرأة غجرية يلبسه الشيطان ويضحك..

بالكاد ليس شيئاً سيستدعي الوقوف عنده في المحطة الأخيرة بل إنها تناهيد أمي ستنفخ في تمثالي الحياة ويعبرُ عبره الإنسان..سيبكي في تأخره في زمن الاطلال الذي عاد من جديد..

حين يسقط الإنسان للقاع العميق جداً فإنه يحاول أن يحفر به قبراً طيني معتم ويتعايش طبيعياً مع العالم الموحش في الخارج..ليتدرب على أن يكون مجرماً وشريراً عليه أن يلبث في  عشرون سنة إلا قليلاً في صمته المميت..

عبدالله محمد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *