رسالة الى ميت بقلم عازفة الليل

*رسالــة إلى ميــت*

مرحباً يا صديقتي ثم السلام على روحكِ الطاهرة المدفونة تحت الثرى ..

أفتقدكِ جداً وأكتب لكِ رسالة قد لا تقرأنيها ولكن أثق تماما بأن لغة الأرواح حتماً ستصل !

أكتب لكِ ووهج الحياة يضمحل في سراديب الدجى لكن مع ذلك الإبتسامة تعتري ملامحي كون هذه الرسالة تخصكِ وحدكِ
رغم الألم الذي استوطن القلوب وآهات الموتى صدى للحاضرون في ساحة ممرات مهجتها ضيقة فباتت بين حجرات الحطام نسياً منسيا …

أكتب لكِ بإسم الوطن ؛
فالأحداث مدمية ونحن مابين النجاة وبين المنون نرسو على شاطئ الإندثار وكأن الحياة تشتد وتقيدنا بسلاسل الفقد والخوف نرتديه كوشاح رمادي فجزء منا يقاوم وجزء ينهار بصمتٍ كي لا تفضح الدموع علته ..

أكتب لكِ ببراءة الأطفال التي تسكن مابين تلف الربيع ووهج الأمل ..

أكتب لكِ بدموع اليتامى التي لا زالت مراسم العزاء لا تغادر الذاكرة ..

أكتب لكِ بفاجعة الثكالى الغارقات في الفقد قبل الأوان  ..

أكتبِ لكِ بمرارة إنتظار الأمهات لأبنائهن ليجنين خيبة دون الرجوع ..

أكتب لكِ بإسم الأحلام التي اغتيلت فأصبح الأنين ينخر عظامها حتى يفتتها ..

أكتب لكِ بلغة الحرف التاسع والعشرون الذي سيفهمني بلا مقدمات ..!

صديقتي المتوفية منذُ سبعة أعوام ما أردت من هذه الرسالة إلا أن أخفف من حزن يسكن جوف وطن بأكمله، علّني أشفى قليلاً من حمل البوح ما زال يتوق لتوق البيلسان !
صديقتي بالأمس كان وحياً خبأه القدر والآن في مهبط وطن يلفح بين الأهازيج العاتية، الفرح بدل من أن يقترب من الضفة يبعد أكثر فيصبح مجرد سراب، والأطياف تتردد كل ما هب نسيم الفصول فيختضب في ذروته …

الحقيقة المرة أن الكثير منا يغرق في تساؤلات هل سيمتد الظل أم أنه سيكسر حاجز الصمت ويشع للأفق ؟!

لا زلنا ننتظر الأجابة من النور الذي يسري في الدرب المشبع بالتوهان .

يؤسفني جداً يا صديقتي لم نجد سوى أطلال تشعل اللظى في ثرى ما تبقى من فتات الأرواح ..
ويسعدني أن أخبركِ إننا جاحدون وصامدون أمام هيمنة الألم فلاحيلة لنا سوى الصبر العميق ونسأل من الله أن يلهمنا إياه أكثر

"فصبراً جميلاً والله المستعان على ماتصفون"

.
.
.

التوقيع: فتاة أخذها النعاس قبل أن تكمل رسالتها لتنام بين دفتي دفتر مُذكراتها .

#عازفة_الليل
#مذكراتي
16/9/2019