الأحد، 21 يونيو 2020

يوم واحد معا الحرب بقلم عائشه جابر

يوم واحد مع الحرب

- جدتي من تلك الفتاة المعنقة  !!صاحبة العيون العسلية ؟!

- من تقصدين ياعزيزتي؟!
هل تقصديِ (براءة )؟!

-لا أعلم ماذا تُدعى !!!
بشرتها سمراء وملامحها هادئة جداً،لكن عيونها حزينة !!!!!

-لقد كبرت ياسمينتي الجميلة ،وبدأت تقرأ الملامح ،

تلك الفتاة ياعزيزي قصتها تشبة هذه الأرض،جميلة لكن البؤس مدقع فيها.

-اخبريني ماقصتها ، أشتاق لروياتك القصص ، يجتاحني شعور بالراحة والاطمئنان عند سماعكِ.

-تلك الفتاة التي ترتدي فستان أسود منذ اربعة اعوام ، لم يزور الفرح مبسمها إلا مجاملة ، في كل مرة أراها تزور مقلتي الدموع بلا إرادة، فجوفها يبكي بحرقة ، صامتة عن الحديث المنمق ، ترد بقدر السؤال لا أكثر.

-جدتي !!!!

رأيت ذات مرة صورة قديمة لكِ ،وعندما رأيتها تذكرت الصورة،هناك تشابة ،لديها حاجبان عريضة وشامة أسفل شفتيها،ورغم الحزن الذي يجعل وجهها مظلم ، إلا أنها تبدو طفلة بعمر السابعة خريف، تناسق جميل مع تفاصيلها الصغيرة.

-ياسمينة

تلك الفتاة قبل اربعة اعوام قصف بيتهم وكانت هي وامها في زيارة اقاربهم ، توفيت عائلتها بالكامل ولم يبقى لديه وعي بعد رحيلهم ، اصابتها الدهشة لفراقهم ، حتى أصبحت امها طريحة الفراش تعارك المرض
من شدة الحزن والصدمة ..

- ياللهي

هل اضحت حزينة بقدر الأرض و من عليها ،،،

جدتي فعلا
يتغير مسار الإنسان عند فقد والدية،يصبح هشيهم واحلامه ماضً لن يعود ...

-ياصغيرتي أنتم شباب العهد يجب أن تصبحوا أقوياء ،لتصنعوا مستقبلاً زاهر ،ولتنثروا الفرح على القلوب ، فقد تصحرت القلوب وطال إنتظار الغيث ، اجدبت حتى يأس الأمل من العودة.

-نحن ياجدتي

افاقت أعيننا على واقع مريب ،مهلك ، صنعوه من قبلنا من حملونا وزر أخطائهم، والأدهى الأمر في كل هذا ،لانزال نحن أصحاب المسيرة السوداء في نظر الجميع ، لم نرتكب أخطاء  حتى يحملونا وزر آبائنا الأولين ، شاخت قلوبنا ونحن بعمر الشباب .

- هل تعلمين ماذا حل بها منذ شهرين لا أكثر !!

لقد توفيت والدتها بوباء كورونا ،لكي تكتمل الفاجعة ،وتلملم الوحدة أطرافها، لم ترتدي الأسود كعادتها بل أصبحت خاوية من المشاعر ، تموت النفس في الأعماق، الحرب ياصغيرتي أهلكت الحرث والنسل، وعاثت بقلوب الشباب الفساد والفوضاء، أهلكت أثقالهم ،ودمرت أحلامها.

-إنها جميلة بطريقة مخيفة ، عندما تبتسم بصعوبة وكأن شرايينها تتمزق من ثقلها، وخصلات شعرها الذي يكسوه السواد كالليل الدامس الظلام ، وكأنني أبحث بين أزقة  عن نجوم تضيف له جمال على جماله ، أريدها أن تبتسم ياجدتي فهيا لا تزال يانعه ..

- منذ رحيل أحبابها وهي في كل يوم تعد الأيام ، عندما تستيقظ في كل صباح، لديها تقويم تشطب الأيام وكانها تنزع اجزاء روحها بدونهم،تعيش في بيتهم الذي قصف نصفه، لم تحرك به ساكن ، كل شيء على حاله ، كل ماتفعله أنها بطريقة متكرره تمشي على أماكن ذكرياتها معهم حتى تصل إلى المقبرة لكي يتنهي بها المطاف عند قبورهم .

-وكأنها توفيت معهم ،كجثة هامده دون روح .....

جدتي لماذا الحرب قائمة؟!

- ماذا عسى أن أقول

لم يعد للحديث بقية
الحرب لا تعرف أحد

تاكل الأخضر واليابس

لكنها تفرق وتنتقي أحبابها بعناية لكي تنتشل أرواحهم ..

ياسمينة .... ياسمينة

- أمي أمي!!!!!؟؟؟

اين جدتي ؟!

- ابنتي ماذا هناك عن ماذا تتحدث ِ؟!

لقد فقدتي صوابك ، جدتك توفيت منذ عامين ، ولم تحضري جنازتها بسبب الحرب ..

ياسمينة!!!ابنتي !!!

ماذا بكِ ياعزيزي؟!

- امااااااه

لقد رأيت جدتي وكانت تحدثني عن همسة وماذا حل بها !!!!

- يابتني !!

لا تجعلي قلبي يبكي من جديد ،لقد فقدنا بما فيه الكفاية،
جدتك توفيت ،لم تعد موجودة ،
إنها في العالم الآخر.

هكذا تفعل الحرب تذهب العقول ،وتميت القلوب ....

عائشه جابر

هناك 4 تعليقات:

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *