يوم واحد مع الحرب
- جدتي من تلك الفتاة المعنقة !!صاحبة العيون العسلية ؟!
- من تقصدين ياعزيزتي؟!
هل تقصديِ (براءة )؟!
-لا أعلم ماذا تُدعى !!!
بشرتها سمراء وملامحها هادئة جداً،لكن عيونها حزينة !!!!!
-لقد كبرت ياسمينتي الجميلة ،وبدأت تقرأ الملامح ،
تلك الفتاة ياعزيزي قصتها تشبة هذه الأرض،جميلة لكن البؤس مدقع فيها.
-اخبريني ماقصتها ، أشتاق لروياتك القصص ، يجتاحني شعور بالراحة والاطمئنان عند سماعكِ.
-تلك الفتاة التي ترتدي فستان أسود منذ اربعة اعوام ، لم يزور الفرح مبسمها إلا مجاملة ، في كل مرة أراها تزور مقلتي الدموع بلا إرادة، فجوفها يبكي بحرقة ، صامتة عن الحديث المنمق ، ترد بقدر السؤال لا أكثر.
-جدتي !!!!
رأيت ذات مرة صورة قديمة لكِ ،وعندما رأيتها تذكرت الصورة،هناك تشابة ،لديها حاجبان عريضة وشامة أسفل شفتيها،ورغم الحزن الذي يجعل وجهها مظلم ، إلا أنها تبدو طفلة بعمر السابعة خريف، تناسق جميل مع تفاصيلها الصغيرة.
-ياسمينة
تلك الفتاة قبل اربعة اعوام قصف بيتهم وكانت هي وامها في زيارة اقاربهم ، توفيت عائلتها بالكامل ولم يبقى لديه وعي بعد رحيلهم ، اصابتها الدهشة لفراقهم ، حتى أصبحت امها طريحة الفراش تعارك المرض
من شدة الحزن والصدمة ..
- ياللهي
هل اضحت حزينة بقدر الأرض و من عليها ،،،
جدتي فعلا
يتغير مسار الإنسان عند فقد والدية،يصبح هشيهم واحلامه ماضً لن يعود ...
-ياصغيرتي أنتم شباب العهد يجب أن تصبحوا أقوياء ،لتصنعوا مستقبلاً زاهر ،ولتنثروا الفرح على القلوب ، فقد تصحرت القلوب وطال إنتظار الغيث ، اجدبت حتى يأس الأمل من العودة.
-نحن ياجدتي
افاقت أعيننا على واقع مريب ،مهلك ، صنعوه من قبلنا من حملونا وزر أخطائهم، والأدهى الأمر في كل هذا ،لانزال نحن أصحاب المسيرة السوداء في نظر الجميع ، لم نرتكب أخطاء حتى يحملونا وزر آبائنا الأولين ، شاخت قلوبنا ونحن بعمر الشباب .
- هل تعلمين ماذا حل بها منذ شهرين لا أكثر !!
لقد توفيت والدتها بوباء كورونا ،لكي تكتمل الفاجعة ،وتلملم الوحدة أطرافها، لم ترتدي الأسود كعادتها بل أصبحت خاوية من المشاعر ، تموت النفس في الأعماق، الحرب ياصغيرتي أهلكت الحرث والنسل، وعاثت بقلوب الشباب الفساد والفوضاء، أهلكت أثقالهم ،ودمرت أحلامها.
-إنها جميلة بطريقة مخيفة ، عندما تبتسم بصعوبة وكأن شرايينها تتمزق من ثقلها، وخصلات شعرها الذي يكسوه السواد كالليل الدامس الظلام ، وكأنني أبحث بين أزقة عن نجوم تضيف له جمال على جماله ، أريدها أن تبتسم ياجدتي فهيا لا تزال يانعه ..
- منذ رحيل أحبابها وهي في كل يوم تعد الأيام ، عندما تستيقظ في كل صباح، لديها تقويم تشطب الأيام وكانها تنزع اجزاء روحها بدونهم،تعيش في بيتهم الذي قصف نصفه، لم تحرك به ساكن ، كل شيء على حاله ، كل ماتفعله أنها بطريقة متكرره تمشي على أماكن ذكرياتها معهم حتى تصل إلى المقبرة لكي يتنهي بها المطاف عند قبورهم .
-وكأنها توفيت معهم ،كجثة هامده دون روح .....
جدتي لماذا الحرب قائمة؟!
- ماذا عسى أن أقول
لم يعد للحديث بقية
الحرب لا تعرف أحد
تاكل الأخضر واليابس
لكنها تفرق وتنتقي أحبابها بعناية لكي تنتشل أرواحهم ..
ياسمينة .... ياسمينة
- أمي أمي!!!!!؟؟؟
اين جدتي ؟!
- ابنتي ماذا هناك عن ماذا تتحدث ِ؟!
لقد فقدتي صوابك ، جدتك توفيت منذ عامين ، ولم تحضري جنازتها بسبب الحرب ..
ياسمينة!!!ابنتي !!!
ماذا بكِ ياعزيزي؟!
- امااااااه
لقد رأيت جدتي وكانت تحدثني عن همسة وماذا حل بها !!!!
- يابتني !!
لا تجعلي قلبي يبكي من جديد ،لقد فقدنا بما فيه الكفاية،
جدتك توفيت ،لم تعد موجودة ،
إنها في العالم الآخر.
هكذا تفعل الحرب تذهب العقول ،وتميت القلوب ....
عائشه جابر
ررائع جدا حفظك الله
ردحذفكلام جميل
ردحذفجميل جداً بالتوفيق
ردحذفجمممممممممميلل جدا جدا جدا
ردحذف