مشاركتي في يوم التميز لمنتدى ترانيم أبجدية
الحلم حياة
بين الفخاخ وأضغان الغدوة نطوي البيد متهالكين ، فأي لون على الخدود يليق ؟ " يا سيدتي الغالية ، أتودين أن تعرفي الحقيقة عمن سبب لي أقسى الجرح ، وألحق بي أقطع الآلام؟" فرونيس قد شوه صورتها كما تفعل الدوامة الثائرة ، بحيلة شيطانية تصب أنغامها في آذان منتعشة ، لتشدّ وأشد على رأسي، فأحلم وكلي يقظة من أمري في تجاوز للحرفية المحسوبة لتفاصيلي ، المترعة بناموس البحر والنارِ لتحويل الهيدروجين إلى الهيليوم كما حلم الخيميائي ، خلف حقول " لورد دونسي" التي نعرفها خارج العالم ، أجسم النشاط الهذياني في رموز أحلامي ، ليرتفع إلى ما فوق الواقع المرئي في هذه الوردة الخاصة لأناديه : يا نسيم المبرقات ، أنا لك في تلك النقطة السخية، أجازف التموقع في منطقة غريبة لللاشعور الصافي، لتَعبر قطة هاينلاين جدار الواقع ، فأتجاوز فكري المنطقي في مشاهد جديدة أأملها أنوار سماوات تانغي المنتشرة بسرعة مذهلة في المتطابقان كما لو أننا غير متصلان بالمغناطيسية الأرضية ، لتنحو ميلاد صور بلا استيلاء ضيق المكان وجُملا تدثرنا لتدق على لوح زجاج الشعور للعقل الباطني ، محتالة على الرقابة الفرويدية حتى لا تقلص بجفائها إحساسي بممارسة حياة حلم وسِعت آماد الفساح في جسد دولوز " الخالي من الأعضاء" ، بلا معيقات بائسة كما الجدليين بلا ترتيب لأتحرك في آفاق الوهم مهاجرة إليه في نفسي ، في عباب أدخر كل شيء في بشريتي لتتلقف بعضها لإنتاج رغبة جماع المسارات الجزئية الممتدة في ذاتي ، فأتوسع في حدودي الذي يفيض بملء عِطفَي المراح، خمرا أتذوقه وكأني على عتبة الأبدية لتشفيره بما يخدم الديمومة ، في لذة كبيرة منحني إياها القدر ، وإن كنتُ لا أعاني خداع البصر ، فالخيال أثار فعل ضوء النهار الخفر ، حلما يتراءى لي بلا إذن مني ، باباً مفتوحا يتولد في جوفه نار وثلج يتحركا مفتولَي الذراع ، يصارعا المخاوف الجديدة وسطوة رطوبة القبو الخارجي، أسمع أناته التي تنوء بأثقال وجودية نهائية رنين أغلال ، وقد كان بوسعي وأنا وحدي أن أعيش حياة الحلم ، حين نِمتُ تركتُ الجسد خارجي وحين سكنني النوم تحوّل المكان والزمان بداخلي ، فررتُ إليه رغما عني ، لم أرتكب أي خطيئة ولم أقترف أي جرم ، كنتُ زهرة بأجنحة أغوص في أبهاء الجو الأثيرية ، بروح أكثر مشيئة ونصيبا إلى الحرية ، لأقيس الحدود الشاسعة للبيد القفار ، فأحسني أنني هيكل فرَّخ في تيه حلم خير دواء للسوداء الذي أفقسته إرادة الشمس لِتُطنَّ بأجراسها في اليقظة على مسرح آرتو للقسوة ، مأوى المرهق .. مثوى الغريب أتحداه بنبض محظوظة لتأريخ حياة صمت للحلم الذي لم يجذبه خبر الأرض ليدهشه غور هذه الأعماق التي لا تقبل التفاوض الواقعي ، بزيفي المحسوس و إعادة تركيبه شذرات أحلام ، بقوة حاضرة لتميل فتصبح واقعة " البيضة المطيعة والبيضة العاصية " في داخلي ، في سيولة يتحكم فيها مبدأ اللذة ، برغبة تقتطع لباب الواقع ، لتتحقق ذاتي في سكون هذا النوم كما في " الأواني المستطرقة " لِبريتون أطوف حولها وألاحظها في صورة المعتوه لِديدرو " وريقة عشب الصيف"، أنا وأنتم كما هو حال قصيدة ويتمان في " أغنية نفسي " .
بلا تخطيط مسبق كنتُ قد بدأتُ في مشروع الحلم ، فلم أتكلم بالصوت ، كنتُ أقيس دوائر الكواكب اللطاف مستغنية عن نظرية الأوتار الفائقة ، وبعد طول وجيف ، نضَجَت في النهاية طيات التعاريج الصلبة للواقعية ، لِأعاود فأزاول مهمة الإنسان المستيقظ التي تتلخص في الحفاظ على بقائه مستفسرة بتعجب :
هل الحياة ممكنة بعد الحلم؟!
إن الذي يصرّف الفعل بدون الفعل ، لا يبقى لديه من ذلك الفعل سوى حرف النفي المتعيّن الذي يوجب مضمونا بنفسه لنرفع وعينا إليه في صيغة أن نحيا بالحلم ونحلم بالحياة .
فاطمة سليماني
2020 - 8 - 20
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب