الخميس، 20 أغسطس 2020

مقتطفات بقلم سلطان البركاني

تابــــــع...
            (#عــــــودة_العقــــــل)
              قصـــــة من الواقـــــع

         للدكتور: إسماعيل محمد النجار
             14 يناير 2017م
                                     الحلقة: (4)
︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾︾

ويواصل (إبزق) حديثه:

"... يالله! لم أعد أحصل على الأكل حتى من القمامة، فكثير من أصحاب القمامة أصبحوا بخلاء علينا، ويجمعوها ويتصدقوا ليكسبوا الأجر، ولا يعرفون أننا أحق بالأجر، وأجرنا مضاعف، بل ويشمئزون عندما نقابلهم ونطلب رحمتهم.

حتى من يجلس بجانبنا، أو يقف ليتسلى بالحديث معنا، يسخر ويؤذينا بكلامه. حتى رحمة السماء تنزل على الجميع، ما عدا نحن الذين رفع الله القلم عنا. الماء أصبح حلما لغسل أيادينا ووجوهنا، نحاول دخول الجامع لنغتسل، فإذا بعباد الله الصالحين يطردوننا، وينهالون علينا شتما وضربا إذا أصرينا.

وفي التليفزيون يتحدثون عن الصدقة والرحمة في برامجهم الدينية، وفي خطبهم عن الصدقة وإطعام الجائع، ولا يتذكرون أننا نعيش حالة مركبة من ظلم الجنون والجوع والمرض والبؤس. ويأخذون الناس من الشوارع لإطعامهم في رمضان، وعندما نحاول الذهاب معهم يقفلون الكاميرات، ويهددونا بالضرب إذا لم نعد من حيث أتينا. يقومون بإفطار الصائم، ويصورون الناس وهم يأكلون أو يوزعون الإفطار والأكل في الشوارع، ويبعدوننا عن طريقهم، معتقدين أن تصويرنا يوسخ كاميراتهم بمناظرنا المؤذيه، لا يوجد من يحسن ويتصدق علينا، ولا من يصور وساختنا وبؤسنا، نرى ونسمع التليفزيون يتحدث عن توزيع الشنط المدرسية، والزى المدرسي، من زعطان أو فلتان، ولا أحد يتذكر أو يلتفت إلينا، أو يشعر أننا آدميون مثلهم، وأصحاب حاجة، فقط رفع القلم عنا.

حتى الأحزاب والزعماء والمسئولون، لا يخطر على بالهم ذكرنا، وإذا ما ذكرنا أمروا البلدية وأقسام الشرطة بأذيتنا بالضرب والطرد من الأماكن التي نتواجد فيها، نحن تعساء وبؤساء، وفقراء الأرض والبشر، الجميع يعيش نشوة الحياة، وتناسوا أن يأتي يوم يظهر من أولادهم أو ذريتهم أمراض أو مجانين، ويعانون مما عانيناه.

أبزق عليكم جميعا، وعلى من يتولى أمركم إن كنتم بشرا أو حيوانات، فليس لديكم قيم أو دين تجاهنا، الجميع يعمل الخير لمصلحته، سواء من أجل الجنة أو الانتخابات، أو لتظهر صورهم في الصحف والمجلات والتليفزيون، ليقال عنهم أصحاب خير و أجر".

وبعد انتهائه، نهض وبشكل سريع مرددا صرخة: (أبزق) بصوت مرتفع ومتواصل، وأخرج سكينته أو ساطوره المستخدم للدفاع عن نفسه، ليختفي صديقه صندقة خوفا، واتجه (أبزق) لأحد محلات الاتصالات، واقتحمه، وفتح الهاتف واتصل، وردت عليه إحدى النساء، قائلا لها: أنا عبد الملك زايد الخضر، موجود في جولة تعز مدينة صنعاء، في النفق أو فوق الجسر، ويدعونني: (أبزق). فترد عليه: أين؟ أين؟ ليرد عليها بنفس العبارة، ودخل عليه صاحب الاتصالات وليد القدسي مع اثنين، محاولين إخراجه بقوة، ولكنه أشهر سكينته مهددا من يقترب، ولم يغلق سماعة الهاتف، فسمعت المرأة صوته المرتفع والمصحوب بالتهديد، وهرعت لإخوانه وأولاده قائلة: اتصل عبد الملك، وأعطاني عنوانه، ويبدو أنه يتعرض لمشكلة. وهرعوا لسماعة التليفون، وتبادلوها، ليقولوا: هذا صوت عبد الملك، ويبدو أنه تعرض لمشكلة ما.

وأعطتهم العنوان، وفرحوا أنه حيا يرزق، وقلقوا لما حدث له، واتفقوا على سرعة التحرك وإنقاذه، واستعد اثنان من إخوانه وابنه الخضر، وعمره اثنى عشرة سنة، وتحركوا لصنعاء، بينما تجمع الناس على عبد الملك، وكتفوه بعد أن اصاب سطحيا أحد المرافقين لوليد القدسي بالساطور على كتفه، وجعله ينزف، بينما أصيب عبد الملك بضربة في عنقه من وليد القدسي، جعلته لا يستطيع تحريك عنقه، ويصاب بحالة من التشنج، ويؤخذ مكتفا لقسم الشرطة، وأدخلوه غرفة مولد الكهرباء، وربط وهو يصرخ من شدة ألم عنقه، وأماكن الضرب.

استدعوا طبيب الأمراض النفسية في السجن المركزي، ليصل بعد ثلاث ساعات، ويعطيه حقنة، ووصف له روشتة علاج، تبرع أحد المواطنين الموجودين في القسم بشرائها، وهدأ بعدها عبد الملك من التشنج، وخفت آلامه، واشتكي لأحد العساكر من ظلم الدنيا وظلم الناس، وما آل إليه من اتساخ جسمه وملابسه، وأدخله الحمام للاغتسال، وتبرع مدير القسم بمواد النظافة وبملابس جديدة، وبعد اغتساله ولبسه الملابس الجديدة، خرج رافعا رأسه للسماء، ويتنفس بعمق، ويدعو الله أن يعافيه، وأن لا يزيد من حالات شتاته وتشرده..

                                    يتبــــع...  
            ┄┉❈❖❀✺❀❖❈┉┄
                    من مختارات:
               سلطان نعمان البركاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *