السبت، 18 يناير 2020

* تأملٌ يخلقُ الحزن * للكاتب : عثمان المسوري

تأملٌ يخلقُ الحزن
اااااااااااااااااااااااااا
.

المتأمل في علاقة الشرق الأوسط والغرب ، الممتدة من القرن الخامس عشر للميلاد حتى القرن التاسع عشر ، يجدها علاقات تدافع ، وصراع حضارات ، فكلما أزدهرت حضارة الشرق ضعفت وانحسرت حضارة الغرب ، والعكس صحيح .
فحينما تمددت الحضارة الإسلامية وأقامت دولتها الشهيرة في الأندلس ، التي استمرت ثمانية قرون ، كانت العلاقة صراع وصدام في الجانب السياسي ، أما الحضاري بكل ما تشمله الكلمة من معنى ، كانت العلاقة تأثير وتلاقي وتلاقح ، حيث كانت الحضارة الإسلامية تعطي أكثر مما تأخذ ، لأن الحضارات تتزاوج وتتبادل المكنونات دون إرادة أو بخل .
لكن تأتي السياسة بسيفها الدامي ، وتلغي وتقطع كل الأواصر الممتدة ، لأنها الصانع الأكبر  ، للتقلبات والمتغيرات التاريخية ، من اندماج  وتنافر وإزاحات وتقارب وتعايش ، اعتمادا على المقومات الروحية والسياسية والمادية والبشرية لكل دولة.
والسؤال هنا..
ما طبيعة العلاقات بين الشرق الأوسط والغرب في وقتنا الحاضر؟
وما المقومات والمعتمدات الوجودية للشرق الأوسط ، التي من خلالها تفعّل عمليات التدافع والصراع والتأثير بالتلاقي والتلاقح مع الغرب؟.
صحيح إن للعرب أيادٍ وكوادر وعقول مفكرة واحتراعات مبتدعة ومؤلفات مرموقة هاجرت إلى الغرب ، وشاركت في بناء هرم التطور هناك ، في مجالات كثيرة ، كالطب ، والهندسة ، والصناعة ، والكيماء ، والفيزياء ، وفي مجالات أخرى.
لكنها من بعد الجيل الثاني والثالث انسلخت طوعا عن الهوية والإنتماء واللغة أيضا ، ولم يبق لهم إلا الحنين والذكريات لأوطانٍ كانت مهدا لخير أمة ، وأبرز دليل على ذلك هي الجاليات العربية في أمريكا الجنوبية. 
والحقيقة الصادمة تقول : لا ندية ، ولا تكافؤ ، بيننا وبين الغرب ، في كل المجالات والمنطلقات التقدمية ، فما بيننا وبينهم علاقة التابع للمتبوع ، والمستهلك للمنتج ، وليس لدينا ما يغري العقل الغربي أو الشغف الروحي لديهم ، سوى أشياء مادية ، كالثروات والسياحة ، وفوائد الموقع الجغرافي ، التي لا نستطيع تنميتها وإدارتها أو حمايتها.
فلا توجد بذرة أمل للوقوف أما قفزات العولمة والكوننة ، التي أبدعها وتحكم بها الغرب العنيد في نظرتة للإسلام ،
فبخوفهم من الإسلام وأهله الخاضعين لبرامج التخدير المدروسة من قبلهم ، قد عملوا بكل طاقاتهم المبذولة للوقوف أمام كل محاولة لنهوض السيف النائم ، حيث وقد جربونا في القرون الوسطى ، ولا يزال وقع الذكريات المريرة يتعاظم في خيالهم ، وبقصد منهم أضافوا لها بُعبعا كاذبا ، بصناعة بعض سيناريوهات الأرهاب وأحداثه الدامية ، للحد من وتيرة الأسلمة للمجتمع الغربي ، والحيلولة دون أن تنقلب الطاولة عليهم ، ونعيد الكرة .
فأنا أعتقد أنهم قد أمنوا من ذلك واطمأنوا حتى من خيال الإحتمال الشبه الواقع ، لكنهم لا يعتقدون ذلك فهم مثابرون دائما.
ويبقى في خيالنا العربي المتحمس والمغلوب على أمله ، خيار سماوي ، في حال إن عجز أهل الأرض في نجدة أنفسهم ، هو قول الله تعالى {..فعسى اللهُ أن يأتيَ بالفتحِ أو بأمرٍ من عنده.. }
فنحن منتظرون على أحر من الجمر
ــ وهذا لا يعني أنني أشكك في أمر الله ، ولكن يجب ألا نتخلى عن مسؤلياتنا ، ونعتمد على صلاتنا ، ودعائنا في زلزلة الأعداء فقط ــ
لأن الغربيين يبنون خططهم الإستراتيجية ، لعشرات السنين وقد تصل إلى المئات ، وذلك بلإستعداد اللازم ، من الناحية العسكرية ، والمادية والعلمية ، والثقافية ، فلا ينتظرون خدع السنن الكونية ، ولا أمرا يأتي من عند أحد ، سوى ما تصنعه أفكارهم ، وجهودهم الدؤوبة ، لتحقيق أحلامهم الإستعمارية ، وحماية أنفسهم من حروب أو هجمات محتملة ، وذلك بالضربات الإستباقية ، وليس بالتصدي والدفاع.
ونحن في الجانب الآخر نواصل قناعاتنا السلبية ، في فهم النص القرآني
وما نقل عن المصطفى "ص" حيث جعلتنا هذي القناعة في ذيل الأمم ، ومن هذه القناعات
التي نتعبد بها أيضا.. الزهد في الدنيا ، حيث يؤدي هذا الزهد المبالغ فيه إلى الحد من طموحاتنا وتصغير مشاريعنا الأقتصادية ، تحت مبرر القناعة والنصيب ، والرضى بعيش الكفاف ، وإعمال النظر والحلم إلى ماعند الله فقط ، أوليس مافي الدنيا من عند الله؟ أوليس بناء الإنسان ، وبناء الأوطان وخدمة الدين ، وبذل الصدقات ، والأعمال الخيرية بحاجة إلى المادة؟ لاسيما وأن الله قال عن الدنيا وزينتها {..قل هي للذين آمنوا في الحياةِ الدنيا خالصةً يوم القيامة.. } .
كذلك مما نفهمه أيضا
أن المصائب كلها من حروب ، وفقر ، وظلم الحكام ، والإختلافات السياسية ، والمذهبية ، والتخلف الإجتماعي ، والمعرفي ، هو في نظرنا قدر وذنوب اكتسبناها ، وهذا جزاؤنا ، حتى نرجع إلى الله.

عثمان المسوري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب

تابعنا على فيسبوك

Labels

شريط الأخبار

ads

حكمة

في بعض الأحيان الخطوة الأولى هي الخطوة الأصعب تقدم وأخطوها فقط وليكن لديك الشجاعة الكافية لان تتبع إحساسك وحاستك السادسة.

حكمة اليوم !

التسميات

العاب

منوعات

{"widgetType": "recent posts","widgetCount": 4}

Contact us

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *