(راقصة على شط الأغنياء)
✍️/ جبر مشرقي •
_________________________
أكرهها
كرهت كل شيء فيها
ما أحببتها يوما...
هي بالنسبة لي كنيسة مهجورة
لم يزرها البابا
كمعبد يوناني بدون قديس
كنحات لم يتقن لغة الصخور
ليلعب لعبته الرسمية
كصوفي فشل في التصوف
كفيلسوف مااستطاع أن يمزج الفلسفة بالشعر
أكرهها
أكرهها
لم أداعب أوجانها الوردية
لم أكن ربانا لصدر كسفينة عليها ركاب
لم ألتقي بها في عيد الحب
لأقدم لها هدية
لم أطوق خصرها بساعدي
لم أضع قبلة على صحن خدها
لم أتسلق أغصانها لأجني ثمارها
لم أرشف رضاب ثغرها
لم أذهب معها يوما للحديقة
لم اقرأ تأريخ علبة مكياجها
لم أنظر إلى ساعتي لأعرف وقت اللقاء
لم أرسل إليها عبارة مزجت بلجين البلغاء
لم أكلف المجاز شيئا
لم أُدخِل اسمها في لعبة بلاغية
كلما ذكرتها
شحبت نفسي
وضاق نَفَسِي
لإني عرفتها غجرية
عرفتها مستبدة
عرفتها راقصة على شاطئ الأغنياء
قاتلة لحلم الفقراء
مقصلة كضحكة الأطفال
داست أغصان الجمال
شنقت ربيع الدلال
أثكلت عمر الأرامل
قزمت قوام المآذن
فجرت رسولة نزار
أبعدت درويش عن حبيبته
أضافت عمرا طويلا للمسافات
ولدت لنا وجوها دخانية مخيفة
ضيقت الشوارع
زرعت أشواكا بدل الورود
لم تمد جسرا لهسهسات السلام
لم تزرع قمحا لسرب الحمام
لم تنسج ثوبا جميلا لقوام القصيدة
لم تفتح أبوابا كثيرة للحلم
لندخل من عدة أبواب
لم تجعل الجب متسعا على يوسف
لم ترفع العزائم في الرجال
هي تسير بعلامة واحدة علامة الكسر
مستبدة
مستبدة
لم تنثر عطرا
على أجساد النساء في عيدهن
أحرقت كتبي
ضيقت دربي
أنهت برعم طفولتي
شيبت عمر قريتي
مزقت جسد سنبلتي
أعاقت خطو الساقية
كبلت أقدام تنوري
جعلت مدينتي قابعة في ثنايا الرعب
ونزعت منها عصاة الحب
التي كانت تتوكأ عليها في فوهة الدرب
هي
لم تكن لي يوما حبيبة
لا ولن تكون لي قريبة
أبدا ..
ولن تكون لي صديقة
هي مستبدة
لم يعشقها الشعراء
ولم يتغزل بها الأدباء
فهي سماء صحو
لم تمطر يوما على الغبراء
فكيف لقروي مثلي أن يعشقها
وقد إستعاذ من قبحها الثقلين
المشي معها فضيحة
اللقاء معها .. ذكرى مريضة
الحديث إليها كخادم ملَّ مِن خدمة ضريحة
بكل بساطة
هي
قبيحة
قبيحة
قبيحة ▪
_______________________
✍️/ جبر مشرقي •
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب