إشتقت بقلم مشتاق

*إشتقتُ*🌸

أوراقٌ بيضاء  ، وحِبرٌ لأقلامٍ سوداءٍ  ، خربشات في كُلِّ مكان  ، كُتبٌ واسعةٌ وكبيرة كـ بحار نُبحِر فيها كُلَّ ليلة نصطاد منها ما شاء اللهُ لنا أن نصطاد ، ونُعاني من دُوارها ما نُعانيه  ، نُتمتِم بما اصطدناه فننام في ساعات مُتأخّرة بذلك التّعب والإرهاق تماماً كـ فلّاح قضى يومه بـ مِعوله وفأسه في مزرعته ، أو كـ صيّاد خاض الشّواطئ بقاربه وشبكة صيده وسِنّارته طوال اليوم !!!
نصحوا بعد سُويعات قليلة على صوت مُنبّه كُنت أعُدّه مُزعج ، فنذهب إلى تَلّةِ الطِبِّ تِلك كـ سِربِ نحل  ــ في فصل الربيع ذاهبةٌ لِتلّةٍ مُكساه بـ شتّى أنواع الزهور والورود ــ لِننتقح من رحيقها ودُروساها عَلّنا نصنع ونجني الطِّب كما تجني وتصنع هي العسل  ...
كـ حمَامات بيضاء ، بتلك المعاطِفُ البِيض نهرع إلى المشفى بـ شغف ، فتارةً كـ صغار العصافير ــ التي بجوعها تنتظر  أُمّها في العُش لتُطعِمها ــ  ننتظر مُعلمُونا  ،  وتارةً نتحسّسُ مرضانا دون حولٍ لنا في تخفيف آلامهم إلّا أننا نرتشف مما يُعانوا لِنعرف ونتعلّم كي نُصبح بلسماً لآلامهم  ، ويُخرجُ الله منّا ما فيه شِفاءٌ للنّاس بإذنه سُبحانه   ...

حقّاً إنّهُ الشّوقُ كما يُقال ، إشتقتُ لذلكَ المبنى الأبيض ، المُلتف والمُكَلّل بألوانِ الورود والزُّهور  ، الذي تفوح منه روائح الدِّراساتِ والعلومِ  ، إشتقتُ لتلك المدينة المكتضّة بـ ازدحامها الذي كُنتُ أضيق مِنه  ،  وطقسها الذي كُنت أعُدّهُ حار  ، إشتقتُ إلى شمسِ الظهيرة التي كُنتُ أكرهُها  ورُكوب الباصات والإنتظار فيها الذي كُنتُ أتأفّف منه  ، إشتقتُ إلى ساعات النّوم التي كُنتُ أعُدّها قليلة وإذا ما انتهت غضبتُ وتذمّرتُ  ، إشتقتُ لِقلق السمنارات واللابات والكنترولات والامتحانات الذي لطالما تغيّرت ملامحي بسببه ، إشتقتُ لتلك الخِيبة التي كُنتُ أصابُ بها إذا ما أخطأتُ ونقصتْ علامتي  ،
إشتقتُ لكضّة المحاضرات وارتصافها  ، إشتقتُ لِمعلمينا وقسوتهم التي كنت أغضبُ حيالها وحينها  ، إشتقتُ لتلك الجدالات والنقاشات العنيفة مع زُملائي التي يلتف النّاس حولها ضَنّاً منهم أننا نتشاجر  ، حتّى ذلك العرق الذي تبتلُّ ثيابي منه لكثرته إشتقتُ إليه !!!

اللهم إنَّ هذا الشّوقُ أنت عليمٌ به ، فارفع عنّا وعن سائرِ المسلمين هذا الوباء الذي أوردنا هذا الجفاء بأمرك  ...

بـ قلم مُشتاق  ...