أيها الغائب البعيد جسدا ، القريب روحا،أما عرفت أن الشجرة العظيمة تذبل حين يتكاسل متعهدها عن سقياها ، تتقاعس البذرة عن النمو؛ إذ لا هواء ينعشها ولاماء يروي ظمأها. حينما قررت أن يكون البريد هو من ترتمي في حضنه رسائلك المتخمة بكلمات الشوق ، مدبجة بحروف الاشتياق ، وبحبر نبضات قلبك ، وأنامل يدك التي تولي كل حرف أيما عناية ، وكل كلمة أيما شعور ، وكل جملة فائق الحب والوله ، أما آن للقلب أن يلتقي بالقلب عيانا ، وتتجمهر الجوارح مع الجوارح وتصبح قبيلة من العشق الأزلي ، أكان ما تكتبه مجرد كلمات عابرات ، وتمائم غرام كنت توصيني أن أعلقها على عنق قلبي المتعلق بشغاف قلبك ، هأنذا في طريقي لاستلام آخر رسالة منك ، ولابعث لك آخر رسالة مني.
أما بعد:-
تعلم جيدا أن أهلي ماكانوا قاطعين أمر بما يخص شؤون حياتي إلا ونفذوه دونما شورى ، وهاهم اليوم يجهزون جهازي ليتم زفافي إلى رجل ماعرف قلبي كيف ينبض له ، ولكن حين رآني على وشك الذبول
قد وعد بأن يكون لي الماء والهواء ، وإن قلبي في حيرة من أمره ، ها هي ذي يدي بيده ليسوقني إلى جنة لم يكثر الوعود بها كما فعلت أنت ، وهاهي ذي رسالتي الأخيرة إليك بعد أن أوضحت لي في رسالتك التي لابد أن تكون الأخيرة بأن لديك الكثير من الأعمال في بلد الغربة ، لا بأس أيها الحبيب البعيد ، استمر في أعمالك بل واجتهد وكن سيد نفسك وعملك ، وأنا سأحاول أن أكون ملكة لمن وضعني تاج على رأسه دون وعود ولا أحاديث غرام لا تسمن قلب ولا تغني روح من جوع.
صفاء محمد الهمداني
ترجمان الصورة
منتدى ترانيم أبجدية
8.6.2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب