حقيقة الشعراء
اااااااااااااااااااااا
لو كان الشاعر أو يستطيع أن يكون مبدعا بدرجة 100% فيما يكتب ، لانتهى تأريخ الشعر ، وتحول تحويلا هائلا عن مساره المترابط الخطوات ، وانفصل عن كيانه وأوصوله ، فقانون البقاء المتصل والديمومة المتجددة في هذه الحياة ، يعتمد على نسبة الإبداع في أي مجال من مجالاتها ، ومنها الأدبية والفنية.. وغيرها ، فالشاعر في حقيقته هو قدرة فنية مرنة ، وهو ماهر ممتاز في البناء ، ومرشد محترف للعواطف ، وفنان مرهف في الموسيقى ، وآلة للنسخ والتحويل ، فهو يعيد انتاج ما تلقته جوارحه واحتوته ذاكرته وانتخبته أذواقه للإنجاب في جيل جديد من الأدب والفنون بسبب ملائمته المطلوبة للنص والعصر والموقف ، فالشاعر يفلتر ما تشرّبه من قصائد وعلوم ، ويقطره بأدواته وأسلوبه ولمعة أنفاسه عصيرا باللون والنكهة التي تشبهه ، أو التي يريدها الحال ، مع الحفاظ على جينات الدلالات والمعاني والمضامين سواء علم ذلك أو لم يعلم ، فالنقاد المحترفون يستطيعون أن ينسبوا كل فصيلة من أين.. وكيف..
وتبقى نسبة إبداع الشاعر التي أقدرها أنا بـ 20% (حسب معرفتي الحالية) وإن ظن الشاعر نسبة أكثر من ذلك فقد لا يستطيع أن يمييز بين الأصلي والناشئ في النص ، فعشرين في المئة في كل قصيدة مُعمل عليها ، بكل جهد خيالي ، واستنزاف روحي ، تعتبر بروزا كبيرا يظهر الشاعر من خلاله تجربته وروحه ، وبصمته الخاصة ، وأوضح ما تتجلى في المضامين المبتكرة ، والتشبيهات الجديدة ، والانزياحات الذكية ، والتأثير الدرامي والموسيقي ، والومضات المعرفية والعلمية ، وذكاء الأسلوب في تعامله مع الأشياء والمفاهيم ، وتعتبر هذه النسبة هي البطاقة التعريفية لكل شاعر ، وهي المادة التي نعشقها أو ندمن عليها فيه ، وباحتلالها محطة معينة ، أو منعطف معروف في مسيرة الشعر ، استطعنا أن نمييز صوتها في الأصوات ، وحبكها في الحبكات ، فإذا سمعنا بيتا أو صدر بيت أو مقطوعة استطاعت نباهة الذائقة بالتعاون مع مقترنات الذاكرة ، أن تشير إلى المصدر أو تنسب للقائل .
عثمان المسوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب