. { غربة وطن }
أسال الدمع بي إثنان
خراب الدار والأوطان !
وزاد أسىٰ الخراب أسىٰ
فراق الأهل والخلان !
فكيف أعود في سكنٍ
به لم يبق لي سكان !؟
وأنىٰ أعيش في أرض
بها لا عيش للحيوان !؟
فلا الأطلال لي دارٌ
ولا جيرانها جيران
أيؤنس وحشتي فيها
نعيق البوم والغربان ؟!
فيا أسفي على وطنٍ
أنا فيه غريب الشأن
نزوحي سجنُ في بلدي
وغوث الجوع لي سجّان !
ومن بالحرب لم يطحنْ
رحىٰ تجويعه الطحان !
كـفىٰ بالجـنـتين لـه
وبـاءٌ قـاتـلٌ و جـبـان
أحال الأرض ألغاماً
وأمطار السما نيران !
إذا ما السِّلْمُ عايشني
بـلا أمـنٍ ولا اطمئنان
فبطن الأرض خيرٌ لي
بها من ظاهر الإنسان !
فما لي في الحياة سلا
عن الأفراح بالأحزان
وما سلوىٰ البقاء ؟ وقد
فقدت الصبر والسلوان !
سوىٰ أوجاع ذاكرةٍ
تقلب عالم النسيان
أنوح بها علىٰ نفسٍ
تنازع روحها الأشجان
كـأنـِّي لا أصــدِّقُ مـا
جرىٰ لي أنه قد كان
فلا أصحو لأغفوَ بل
لأهذيَ بالرثا سكران !
فمثلي أنت يا وطني
غريبٌ فاقد العنوان
كـأنَّـا لـم نـكن يـومـاً
بدور العلم والقرآن !
عـقـولاً نـسـتـنـير بـهـا
لشعب الحكمة الإيمان
فأين الدار ؟ والباني
لها بالحب لا العدوان !؟
وأرضٌ كـان يـسـكـنـهـا
بنو الأعمام والأخوان
لـمـاذا شُـرِّدُوا عـنهـا ؟
وهم فيها مدىٰ الأزمان !
مـتىٰ سَـيَـلُـمُّ نازحُـهم
شتات السهل والوديان ؟
ويوقف مدمعي عني
من التعذيب لي ألوان
فأشكو حال مـغتربٍ
تلظىٰ لوعة الفقدان
وأشدو بالأنـيـن صدىٰ
حنينٍ يعزف الألحـان
وأرثي الـدار في طـلـلٍ
بها قد كان لي سلطان
أُقَـدِّرُ بعد تـغـريـبي
غلاوة أطيب البلدان
وأذكرُ نار تشريدي
كما لو أنَّـها بركان !
فلا أطفي اللظىٰ إلَّا
لِتُصْلَىٰ جمرةُ الهجران !
كما لـو في العـراْ يُشوىٰ
علىٰ جمر الغضىٰ ظمآن !
فـلا مـن زفرتي أُرْوِيْ
غليلاً لِـلِّـقـاْ عطشان !
ولا من غربتي تُرجىٰ
لِمثليْ عودةُ اللـهـفان !
فسارعْ ربَّـنا الرجعىٰ
إلىٰ يـمـني بكل يمان
وعَـجِّـلْ بالـلِّـقاْ فـرجاً
قريباً مـنك يا رحمٰـن ٠
*أبو عمر الفقيه*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ادرج تعليقك في مجلة شعراء العرب